دينُ اليأس

العراق 2021/12/22
...

أحمد عبد الحسين
 
يأتي الحديث من منابر كثيرة عن "موجة إلحاد" تضرب صفوف شباب العراق. في الأمر مبالغة وتهويل تقتضيهما الطريقة التقليدية في الوعظ التي اعتادها المرشدون في كلّ زمان.
الواعظون أنفسهم، يتغنّون في زيارة الأربعين مثلاً بحشود الفتيان الذاهبين مشياً إلى كربلاء، ويرفعون صورة هؤلاء الفتية المتشحين بالسواد علامة على عافية الدين.
الملحدون في العالم قلّة، أكثر منهم اللادينيون واللاأدريون والمشككون، لكنّ نمطاً جديداً ينتشر في العراق ليسوا من هؤلاء ولا من أولئك، إنهم اليائسون.
الشابّ العراقيّ يائس. يائس من إيجاد عمل ومن إنشاء بيت ومن التعرّف على صورة لمستقبله، يائس من تحسّن الوضع هنا، ويائس من قدرته على الهجرة ليكون هناك في بلدٍ لا يصفعه فيه شرطيّ أو تقتله عشيرةٌ لأن ابن عمٍّ له أخطأ. 
في العراق جوّ مصمم لليأس. وطبيعيّ أن ينظر الشابّ إلى العالم من نافذة يأسه، فلا يرى له مثلاً أعلى، لا من السياسيين ولا من رجال الدين، لا سيما أن المواعظ والنصائح الآتية من هؤلاء تأتي مكررة معادة تقليدية بحيث باتت غير مؤثرة.
نصائح الواعظين، الذين قد يكونون مخلصين، تصلح لزمن مضى، زمن لم يكن فيه الفتيان يعرفون كلّ ما يجري في العالم من خلال الشاشة التي في أيديهم، زمن لم تكنْ فيه أبواب كلّ شيء من حلال وحرام وبين بين مفتّحة أمامهم على وسعها.
رجل الدين الذي يريد للشباب أن يتغيّر، عليه هو أن يتغيّر أولاً، عليه أن يبدّل خطابه بآخر أكثر قرباً للناس، لكن عليه أولاً أن يكون صادقاً مع نفسه والآخرين في ما يعظ وينصح.
ليس الإلحاد. الدين الجديد الذي يخيفنا دين اليأس.