بناء الدولة العراقيَّة

آراء 2022/01/05
...

 حسين علي الحمداني
مفاوضات ما بعد المصادقة على نتائج الانتخابات تسير وفق آليات جديدة، ربما لم يعتدها الساسة في البلد في الدورات السابقة والتي كانت تسير وفق مبدأ التوافق على كل شيء، مما يعني غياب الحياة السياسية في البلد عبر تغييب المعارضة البرلمانية.
الأغلبية السياسية وإن كانت صعبة التحقيق في هذه الأجواء إلا أنها تمثل حالة يجب أن تصل إليها العملية السياسية في العراق، خاصة بعد أن فشلت حكومات التوافق الكثيرة من أن تقنع الشارع العراقي وتقدم له أبسط الخدمات المطلوبة من جهة، ومن جهة ثانية غياب من يتحمل مسؤولية هذا الفشل حيث نجد أن الجميع يلقي التهم على الجميع في الفشل من دون أن يعترف أحد بأن النظام 
السياسي أو الآليات المتبعة في تشكيل الحكومات السابقة هو السبب الرئيس في ذلك، إذ نجد أن تقاسم السلطة سواء المحافظات أو الوزارات وصولا للمدراء العامين يمثل حالة سيئة جدا في عملية بناء الدولة التي تضطر للغياب على حساب بروز (دويلات 
الأحزاب).
اليوم هنالك ولادة فكر سياسي جديد يحتاج لمن يقف معه ويدعمه من أجل أن نغادر مرحلة أقل ما يقال عنها أنها باتت غير صالحة للبقاء ألا وهي مرحلة (الشراكة السلبية) التي تعني في ما تعنيه عدم وجود من يتحمل مسؤولية الفشل كما
قلنا.
الفكر السياسي الجديد يحتاج إلى جيل سياسي يختلف عن سابقه، جيل من شأنه أن يحدث التغيير المطلوب والملموس للمواطن الذي هو الآخر غادر مرحلة الشعارات التي ظلت مرفوعة من دون أن تجد من يسعى لتطبيقها في أدنى درجاتها، نحن نحتاج لجيل سياسي لا يحتفظ بملفات الفساد في أدراج مكتبه بل لمن يقدمها للقضاء ويسترد حقوق الشعب
العراقي.
البلد يحتاج بعد كل هذه التجارب الديمقراطية والتضحيات الكبيرة إلى حكومة منتخبة ومعارضة منتخبة تمثل نبض الشارع العراقي وتأخذ دورها في الرقابة على الحكومة، وحكومة تأخذ على عاتقها تنفيذ برنامجها الحكومي ولا تكون الوزارات (بقرة حلوبة) للأحزاب كما اعتدنا على ذلك في الدورات
السابقة.
قد يقول البعض إن حكومة الأغلبية السياسية ستفشل، وهذا الكلام يردد كثيرا عبر الفضائيات من قبل أصحاب الرأي أو السياسيين، وهؤلاء تناسوا أن حكومات التوافق فشلت فشلا ذريعا بشهادة الجميع، ومعطيات الواقع تؤكد ذلك، فلماذا نلجأ إذن لآليات كانت مخرجاتها الفشل الذريع؟، لماذا لا نمنح للآليات الجديدة فرصة إثبات وجودها؟، خاصة وأننا نحتاج لعملية بناء الدولة العراقية بطريقة 
صحيحة.