أحمد عبد الحسين
الطائفية ـ أعزّك الله ـ رذيلة من رذائل الإنسان التقليديّة يُخفيها في أعماقه ويتستّر عليها ويحاول التبرؤ منها ظاهراً لكنها تظلّ ثاوية في وجدانه تنتظر البيئة المناسبة لتنشط. وجريرةُ العملية السياسية التي لا تغتفر أنها خلقت الظرف الأنسب لنموّ الطائفية، بحيث أصبح إشهار الاسم الطائفيّ، في ظل هذه العملية الملأى بالفساد والفشل، أمراً تلقائياً، فلم يعد المواطن يريد أن يخبئ هذا العار، لأنَّ السياسيين أوهموه بأنه فضيلة.
العار الذي أصبح فضيلة صار مؤسساتياً وله تقاليد وأعراف، وكلما استمرأنا خطابه وتقبّلناه بوصفه قدراً وسحراً لا فكاك منه، أصبحنا أبعد من أن نكون أفراداً مواطنين في دولة، بل مجموعة مقاتلين عقائديين في هدنة بين معركتين.
في أيام كهذه، أيام النشاط المحموم لتشكيل الحكومة المقبلة، يرتفع سعر السهم الطائفيّ، ويخرج من أشدّ مناطق النفس الإنسانية بدائية وجهلاً ذلك الكائن الذي لا يريد كرامة لنفسه ولا لوطنه، ولا يريد حرية لنفسه ولا لأخيه، ولا يريد عيشاً كريماً له ولأسرته، بل يريد فقط وفقط قوّة طائفته الحقّة وغلبتها وعلوّ كعبها في مواجهة كائنات أخرى تناظره في الوحشية والانمساخ وتخالفه في التوجّه.
أيام احتجاجات الشباب كانت تُكرر هذه اللازمة: لماذا الاحتجاج في المناطق الشيعية فقط؟ وفي السؤال تقزيم لا لمفهوم الدولة وحسب، بل مسخ لمفهوم الإنسان ـ الفرد ـ المواطن الذي يريد عيشاً سوياً وضمان كرامته هو، لا كرامة مجموعة عقائدية ينتمي لها.
الاسم الطائفيّ الذي يستثمره ساسة الفشل، من شأنه تخريب الدولة، وقد رأينا خرابها عياناً، ومن شأنه تخريب الإنسان أيضاً، وهو ما يقاومه العراقيون في احتجاجاتهم كلّ حين.