أحمد عبد الحسين
اليوم يلتئم مجلس النواب الجديد، فهل من جديد؟
المُتفائلون سيتوجهون بأنظارهم صوب الأسماء الشابة دليلاً على ملمح واعدٍ بالتغيير. آخرون أقلّ تفاؤلاً سيمنّون أنفسهم برؤية كتلتين معارضة وموالية، أما المتشائمون فسيطلبون منّا أن ندير وجوهنا عن الأسماء والأشخاص والنظر إلى النظام الذي ما زال هو هو على حاله، مستذكرين حكمة السيّد المسيح: شجرة الشوك لا تعطي تفاحاً، فمن ثمارهم تعرفونهم.
كلّ تغيير ـ مهما كان بسيطاً ـ في التركيبة السياسية العراقية شيء أشبه بالمعجزة، لأن وضع العراق صُمّم على نحو شيطانيّ ليكون مستعصياً على التغيير، لأسباب كثيرة معقّدة يقف في مقدمتها أن العمل السياسيّ ارتبط بشكل وثيق بخزائن المال وعقود الأعمال أكثر من ارتباطه بطاولات الحوار.
السياسيّ العراقيّ ـ الأغلب الأعم ـ يمارس السياسة في حدّها الأدنى، جلّ وقته يُصرف في حيازة المال وتنميته وضمان “حصته” التي يوفّرها له عمله كسياسيّ. هكذا كان الأمر بحيث بات من العسير فكّ الارتباط بين التجارة والإمارة، أو التفريق بين السياسيّ والتاجر. وفي وضع كهذا يصعب إجراء تغيير جذري وحاسم، لأنّ للمال الوفير لساناً يخرس جميع الألسنة. وهكذا كان التواطؤ بين المتخاصمين هو العنوان الأبرز للمشهد السياسي العراقي.
أتذكّر كلمة لرئيس الوزراء الأسبق، السيّد نوري المالكي قال فيها إنه يخشى كشف ملفات الفساد خوفاً من انهيار العملية السياسية. وكان محقاً. فهذه العملية السياسيّة لها وجهان ظاهر وباطن، أما الظاهر فهو العمل السياسيّ في حده الأدنى الذي نرى فيه اختلاف المختلفين وتنافر المتنافرين الذين يصل اختلافهم إلى الناس فيربك حياتهم، وأما الباطن فهو هدوء وكياسة رجال المال، المال الذي لا يصل للناس منه شيء.
اليوم لدينا مجلس نوّاب جديد. فهل من جديد؟