ضيفان في آن واحد

آراء 2022/01/11
...

 احمد جبار غرب 
بادئ ذي بدء في الظروف الاقتصادية الخانقة وأزمة كورونا التي عطلت الحياة على الدولة أن تفعل الجانب السياحي لمردوداته المادية الكبيرة، ويعد دخلا ثابتا من الموارد التي تدخل البلاد، ومن ثمَّ استغلال اي حالة من أحل الدفع بالترويج السياحي إعلاميا من خلال أفراد او مؤسسات.
وقبل أيام زار العراق مطرب شعبي مصري مشهور في مصر اسمه محمد رمضان وهو مغضوب عليه في بلاده وممنوع من الغناء في مصر مؤخرا، بسبب سلوكه السيئ على خشبة المسرح، استدعي من قبل أحد المتعهدين لاجراء حفلة في أحد المسارح الخاصة في العاصمة بغداد، وقد هيأ المتعهد كل المستلزمات لانجاح الحفل تجاريا على الأقل، وهو ما يهمهم وقد استقبل في مطار بغداد بالورود وحظي باستقبال رئاسي كبير مع اقامة فاخرة في ارقى الفنادق ورغم ضآلة الدعم الاعلامي لهذا الاحتفال.
الا أننا رأينا آلاف الجماهير تزحف الى المسرح او (الستيج) الذي أقيم عليه الاحتفال لرؤية هذا المغني وحركاته البهلوانية، وقد وصلت التذكرة الى مئات الدولارات! وقديما كنا نرى أن المطرب يرمى بأوراق كطلبات أغانٍ يقدمها المطرب للحاضرين او الورود، لكن في زمننا هذا تم رمي المغني بالساعات القيمة في منظر غريب وعجيب وقد تمايل الشباب والشابات مع الانغام (الزاعقة) بهستيريا جنونية.
تصاحبها طقوس للتعري الغنائي وتلك سابقة خطيرة من منطلق حفظ الذائقة الفنية والأعراف والتقاليد، التي نعرفها وهو عمل مستهجن ومرفوض، الامر الذي حدى ببعض رجال الدين أن يستصرخوا الإعلام وتحشيد الجمهور للتأليب على هذه الاساءة من منطلق عقائدي محض، وثار جدل من تحت هذا الركام حول الحريات التي كفلها الدستور وحرية الاستماع والمشاهدة، كونها حقوقا مكفولة لا يجب التعرض لها، رغم ان هذه المعارضة لهذا الاحتفال لم 
يكن الاول.
إذ سبق أن تعرض مهرجان بابل للانتقادات نفسها، لكن بدرجة اخف وطأة وفي الاسبوع الماضي زارنا اعلامي عربي مرموق ومتألق هو محمود سعد الذي رأس تحرير مجلات وصحف كبيرة في مصر وظهر في برامج تلفزيونية هادفة جاء على حسابه الشخصي لانه يحب العراق ويعشق آل بيته الكرام، وكان ذلك حلما يراوده منذ زمن طويل، حيث زار العراق في التسعينات مع الفنان عادل امام اثناء عرض مسرحيته 
(بودي كارد).
وقد تجددت زيارته وكان غاية في السعادة أنه يزور العراق الذي حلم به لتوثيق الاثار العراقية والعتبات المقدسة وحكايات العراقيين عبر سلسلة فديوية برع فيها من خلال برامجه في مصر، التي استقطبت الملايين من المشاهدين، وعندما علمت العتبة الحسينية بتواجده عرضت عليه واجب الضيافة والاقامة في ارقى الفنادق وتحمل تكاليف اقامته من واجب الضيافة ليس الا رفض ذلك حفاظا على حريته، كونه يريد ان يكون بمنأى عن اي دعم قد يفسر تفسيرا خاطئا وحفظا لحريته من اي تأثير شاكرا فيهم ترحابهم وتعاونهم معه عبر تسجيل فيديوي، وقد سجل مجموعة من الفيديوهات عن المراقد المقدسة في النجف وكربلاء والكوفة وبغداد حققت مئات الآلاف من المشاهدات في غضون ساعات انه ماكنة للاعلام المجاني للترويج عن العراق، لأنه يعشقه لكنه مشفوع بحب وايمان بما يعمل، ذلك الاعلامي المشهود له بالكفاءة والعطاء لم نرَ اشادة به لا من قبل رجال الدين او المؤسسات الاعلامية او اي جهة 
حكومية.
أن تثني عليه على اقل تقدير بل حتى خبر تواجده لم يذكر رغم عمله الكبير وشتان بين الضيفين وبين الثرا والثريا، منهم من أساء ومنهم من أحسن وفي ذلك لعبرة كبيرة، كنت أتمنى أن يشيد من كانت صرخته عاتية ضد (الابتدال) أن يطغى صوته اشادة وتقدير من على المنابر ايضا، لمن أعطى العراق حبا وجمالا، لماذا يثيرنا القبح ولا يثيرنا الجمال أليس في ذلك مفارقة في التعبير عن المشاعر يجب أن يحسب حسابها 
مستقبلا؟.