قراءة في أحداث العام 2022

آراء 2022/01/11
...

 محمد صالح صدقيان  
يجمع عديد المحللين السياسيين أن العام 2022 سيشهد ترحيل جميع الملفات العالقة من العام 2021، وأن العام الجديد سيبقی يناقش تلك الملفات بشيء من الأريحية بعيدا عن التوترات التي شهدها العام الذي قضی.
الصورة التي أرسمها للعام الجديد هي ليست قراءة في فنجان وإنما تعتمد علی معطيات سياسية تتعلق بالتطورات المرتبطة بالمناطق الساخنة وآفاق التعاطي مع الملفات التي يشهدها المجتمع 
الدولي. 
جائحة كورونا التي بدأت تظهر متحوراتها مطلع العام الجديد ستبقی الهاجس الأكبر للعديد من الدول علی الرغم من تطور اللقاحات والعلاجات، وستنعكس تداعيات المتحورات علی اقتصاديات المجتمع الدولي في ظل عدم وجود تطمينات واعدة لانتهاء هذه الجائحة؛ اللهم إلا التاكيد علی استمرار استخدام الكمامات والتزام التباعد الاجتماعي لتعبيد طرق العلاج التي يتمنی الكثيرون أن تتعدی بسلام آمنين.
تشير المعلومات أن {الاسلام فوبيا} قد تتراجع خصوصا في الدول الغربية لأن دوائر القرار لا تريد التركيز أكثر من ذلك علی هذه الظاهرة التي برزت كثيرا بعد ظهور ظاهرة الارهاب وتنظيم داعش تحديدا في الشرق الاوسط؛ لان هذه الدوائر تعتقد ان المواجهة مع الاسلام كدينٍ قد أخذ ما يكفي ويجب الاستدارة الی ما هو أهم من ذلك وهي مواجهة الصين ولربما روسيا ايضا لان هذا المحور يأخذ أبعادا مهمة علی صعيد العلاقات الدولية خصوصا بعدما اصبحت الشعوب تنظر للدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة بأنها تصدر السلاح ومتهمة بدعم الارهاب، بينما الصين تحاول دعم اقتصاديات الدول النامية لبناء الموانئ والمشاركة في الاستثمارات وهو ما يشكل خطرا مستقبليا علی مصالح الدول الغربية في العالم وليس بمنطقة الشرق الأوسط فحسب.
إيرانيا؛ التفاؤل حذر بشأن التوصل لنتيجة لإحياء الاتفاق النووي؛ لكن اذا ما توصلت مفاوضات فيينا لاتفاق فإنها ستنعكس علی عديد الملفات الشرق اوسطية؛ وستكون هذه الملفات برسم الاتفاق النووي؛ في الوقت الذي سيشهد الاقتصاد الايراني انتعاشا واضحا ينعكس علی جميع مفاصل الحياة بعد عقوبات دامت اربع سنوات عجاف؛ لكن في المقابل ستتضاءل الرهانات علی نتيجة المفاوضات النووية وسيرجع اؤلئك الذين وضعوا بيضهم في سلة المفاوضات الی الاقتراب من الواقعية السياسية ليكونوا أكثر عملانيين خصوصا في منطقة الشرق الاوسط في التعاطي مع ملفاتهم الساخنة. 
يجب التذكير أن الولايات المتحدة مستعجلة التوصل لنتيجة مع الايرانيين بشأن الاتفاق النووي لأن هذه النتيجة تخدم إدارة بايدن في الداخل الاميركي وتخدمها ايضا كورقة {مهما كان حجمها} في الانتخابات النصفية التي تجری منتصف العام الحالي؛ فضلا عن أنها تريد التفرغ للمواجهة الأكبر مع الصين وهذه جزء من الستراتيجية الاميركية. 
خيارات السياسة الايرانية متعددة خصوصا تلك المتعلقة بالتعاطي مع الموقف الاميركي. الايرانيون يقولون بأنهم سيتقدمون خطوة مقابل خطوة من الجانب الآخر. ربما يقتنع الجانب الاميركي بضرورة التقدم بخطوة ايجابية عندها سنری خطوة ايجابية ايرانية. 
وليس من المستبعد لقاء مباشر بين الجانبين قبل إحياء الاتفاق النووي لوضع اللمسات الأخيرة علی الاتفاق 
الأخير.
بالنسبة للدور الاميركي؛ سيحتفظ الاميركيون بقواعدهم في المنطقة؛ يقومون حاليا بتوسيع قاعدة {موفق السلطي} الجوية في الاردن وستواصل البحرية الاميركية عملها في المنطقة. إحياء الاتفاق النووية ونجاح تنفيذه سيسهم في التفكير بشكل جدي لإعادة النظر بتواجدهم في سوريا 
والعراق. 
الحرب البرية لن تفكر بها الستراتيجية العسكرية الاميركية وانما سيتم التفاوض مع حلفائها لضمان وصولهم الی الموانئ والمطارات لارسال المزيد من القوات الاميركية اذا مادعت الحاجة لذلك من دون الاعتماد علی التواجد المكثف كما كان ذلك خلال السنوات 
الماضية. 
قضية حرب اليمن ستبقی معلقة علی العلاقة الايرانية السعودية ليس لانها تدفع الايرانيين الطلب من حلفائهم في اليمن ايقاف الحرب وانما لجهة اقناع السعودية بالحل الايراني المطروح في دفع اليمنيين للحوار اليمني اليمني، كما حدث في عمان والكويت وستوكهولم؛ والاتفاق مع السعودية علی دعم المصالحة اليمنية لتشكيل حكومة مؤقتة وتهيئة الاجواء والارضية اللازمة لاجراء انتخابات وعودة الامن والاستقرار
 لليمن. 
بطبيعة الحال هذا الامر يعتمد علی القرار السعودي الذي يرفض حتى الان دخول ايران بأية تفاهمات لتسوية القضية اليمنية وانما يطالب استخدام ايران لنفوذها عند حركة انصار الله قبل القيام بإعادة العلاقات الدبلوماسية، وهذا بعيد عن السلوك الايراني. 
العلاقات الايرانية العربية وتحديدا الخليجية ستشهد تحسنا واضحا خلال العام 2022، وايران تحاول عقد مؤتمر اقليمي تكون نواته السعودية وايران وتركيا ومصر للتوصل الی تفاهمات سياسية وامنية واقتصادية وانهاء حالة العداء والتدافع الاقليمي الذي استمر أكثر من عشر سنوات.