اللحم المقدّس

آراء 2022/01/11
...

 د. يحيى حسين زامل 
 
في نظريته عن القرابين يرى الأنثروبولوجي « وليم روبرتسون سميث» أن القرابين التي يتقدم بها البشر للإله ما هي طريقة للوحدة بينهم وبينه، وحين تتناول الجماعة الواحدة من ذبيحة واحدة من هذه القرابين فهذا يمنحهم القوة والوحدة من خلال توحدهم في تناوله، وسمى هذه القرابين بـ «اللحم المقدس». 
وفي طقس عربي قديم يذكر «سميث» أن أبناء القبائل العربية يتناولون جملا متشاركين لحمه كنوع من الوحدة والتماسك بينهم منعا للتفرقة والتشتت، وقضية التوحد والتماسك والتعاون حاجة مهمة واساسية في الحياة البشرية، لأن الإنسان كائن اجتماعي يأنس بأخيه الإنسان بوصفه نوعا من التعاطي مع الحياة الاجتماعية والاقتصادية 
والثقافية.
ولذلك يحرص بعض الذين يرومون التصالح في مجتمعاتنا اليوم إلى وليمة يكون قربانها أحد الحيوانات التي تذهب قربانا في سبيل نزع الغل والحقد والكراهية. 
أقول وفي زماننا نحتاج لمثل هذه النظرة التي تدعو الى التوحد لا سيما نحن على اعتاب تشكيل حكومة تأخذ بزمام البلاد إلى بر الأمان وتحقيق التقدم والرفاهية لأبناء هذه البلاد الذين ما زالوا يعانون من أزمة سكنية، وأزمة في الطاقة الكهربائية، وازمة في المياه، وازمة في الزراعة، وأزمة في الصناعة، وأزمة في الأمن والأمان من الإرهاب الأسود والأبيض، كما حدث في حادثة «جبلة» قبل
أيام. 
نحتاج بلا شك وحدة شعبنا في مواجهة الأحداث والفتن التي تمر في البلاد، نحتاج كذلك الوعي الكافي لمعرفة ما يدور في الساحة العراقية والتصرف بوعي وحنكة اتجاهه، نحتاج ايضاً الإيمان بوحدة البلاد ووحدة الإنسان وكونه واحدا في كل مكان من البلاد بصرف النظر عن دينه وعرقه ومذهبه، والقائمة 
طويلة.