رعاية العلماء والتنوع العلمي

آراء 2022/01/11
...

  د.ثناء محمد صالح 
 
في ثنايا السيرة الذاتية لجميع مفكري العراق والعباقرة منهم حصرا، اذا ما تصفحت سيرته العلمية وجدت أن للبعثات والزمالات العلمية التي حظي بها الى الخارج نصيبا لا يستهان به في صقل مواهبه وابداعاته 
المعرفية.
ما يجدر أخذه بنظر الاعتبار اليوم يتفق وقول السياسي كورو لا نحتاج إلى التركيز على تقليد النماذج الغربية. 
وبدلاً من ذلك، يمكن أن نستلهم من عصورنا المزدهرة خلال القرنين التاسع والحادي عشر، من خلال إعادة تأسيس التنوع والديناميكية والإنتاجية، وهو ما يسهم في تمكيننا من إيجاد طريق لتحقيق نهضتنا في عصرنا الحالي. 
إذ شهدت تلك القرون كما يؤشر أحدهم، التأسيس الفقهي للمنح، والمتجسدة في العناية بالإنفاق على طلاب العلم وكفالتهم، ورسّخت ذلك في ضمير الأمة الجمعي فتاوى الفقهاء التي بلغت به حدّ فروض الكفاية على جميع الأمة، وقضت بأنه حق واجب يؤخذ ولو بقوة السلطة؛ فقد قرر فقهاء الحنفية – على لسان أبي منصور الماتريدي (ت 333هـ) - أنه {لزم على المسلمين كفاية طالب العلم إذا خرج للطلب؛ ولو امتنعوا عن كفايته يُجبرون كما يجبرون في… الزكاة إذا امتنعوا عن أدائها}، وصرحوا بجواز {نقل الزكاة من بلد إلى بلد آخر لطالب العلم}، مع أن الأصل منع نقلها ما دام فيهم محتاج إليها، وفي هذا الإطار ليس أمام مجتمعنا اليوم الا الأخذ بزمام المبادره في الدعوة إلى رعاية العلماء والتنوع العامي والمعرفي كي يتطور ويتقدم المجتمع ولا خلاص من التأخر الا بمنطق العلم 
والمعرفة، وقال النووي (ت 676هـ) إن طالب العلم القادر على العمل إذا اشتغل عنه {بتحصيل بعض العلوم الشرعية… 
حلّت له الزكاة، لأن تحصيل العلم فرض كفاية}. 
كما جعل العلماءُ الصرفَ على المواد التي يحتاج إليها طالب العلم - كالكتب والمقررات الدراسية ومستلزمات ذلك من حبر وورق - من مصارف الزكاة، {لأن ذلك من جملة ما يحتاجه طالب العلم فهو كنفقته}. 
وعمّموا في العلوم بحيث تشمل كل ما فيه {مصلحة  دينه   ودنياه}؛    كما يقول الإمام  ابن  تيمية 
(ت 728هـ). 
صروحنا المعرفية كعادتها اليوم تشهد وعلى امتدادها المتنوع والمكاني، حراكاً معرفيا هائلا ومتميزا. والحاجة ماسة لتجسير هذا الحراك المعرفي بجواز دبلوماسي للاستاذ الجامعي، او الطبيب، او الناشط البحثي من نتوسم منه اختراع او ابتكار او تأصيل معرفي، إذا ما علمنا بالسياق الزمني للاستاذ الاكاديمي او الطبيب البشري للآخر المتقدم يتجسد في الحضور الاسبوعي من دول الشمال الى دول الجنوب او العكس، من كل شهر في مستشفى او عيادة، كذلك الاستاذ الجامعي للآخر المتقدم لا يتوانى عن اعطاء ثلاث محاضرات في دول مختلفة خلال الاسبوع الواحد.