الجلسة الأولى

آراء 2022/01/14
...

 مهند الهلالي
 
أفرزت الجلسة النيابية الأولى ما افرزت وكان لها ما لها وعليها ما عليها، ففي الوقت الذي نرى أنها نجحت في تحقيق المطلوب منها قانونيا الا أنها نتجت عن انقسام مجتمعي سياسي خطر نوهنا في وقت سابق الى خطورته، وانه ربما يكون بابا لتدويل الشأن العراقي اكثر مما هو عليه الان ليصل الى درجة يصعب السيطرة عليها لاحقا ما يحتم على جميع الشركاء القائمين على العملية السياسية، أن يغلبوا المصلحة الوطنية العليا ويحاولوا تذليل العقبات وصولا الى توافق سياسي يعبر بالبلاد هذه المرحلة الحرجة بانتظار القادم، الذي لن يكون سهلا بطبيعة الحال جراء حجم التحديات الإقليمية والدولية الناتجة عن الصراعات الإقليمية والدولية المحيطة بالعراق، رغم ايماننا المطلق بأن جميع مصائب هذا الشعب ناتجة عن نظام المحاصصة الذي يعد من أسوأ الأنظمة السياسية عالميا، الا أن خطورة المرحلة الحالية تدفع بنا الى تبني هذه النصيحة التي نراها سبيلا وحيدا للتخلص من الأسوأ الذي ينتظرنا، إذن فنحن إمام نظرية (القبول بالسيئ لتفادي الأسوأ).
إن الحالة المجتمعية المنقسمة أصلا في هذا البلد ادخلته ضمن متاهات يرى الباحثون أن الخروج منها يحتم على قادة الرأي وصناع القرار اتخاذ مواقف صعبة وقرارات مصيرية توجه البوصلة السياسية في البلاد باتجاه تذليل العقبات وصولا الى تفاهم وطني شامل ينهي او يقلل على اقل تقدير حالة الانقسام سالفة الذكر، وبالتالي فإن تلك الخطوات تتطلب وبحسب قراءتنا الأولية السير بخطوات محددة، منها النظر إلى الشركاء بعين واحدة أو متساوية، ووضع الخلافات الأيديولوجية جانبا، مع ترك التمييز العرقي او الديني او الطائفي والاتهامات التي ترافق هذا التمييز بتبعية سين من الجهات الى القطب الفلاني او صاد من الجهات إلى القطب الآخر، فضلا عن أن تغليب المصلحة الوطنية والسياسية للأشخاص المقصودين تستوجب انتهاج تلك الخطوات كسبيل أوحد لعبور تلك المرحلة وفي حال نجاح هؤلاء القادة في الخطوة الأولى لمثل هكذا مشروع، فإننا سنرى أن الكثير من المشكلات سيتم ذوبانها في حرارة قدسية الوطن ومصالحه العليا.
إنَّ الحديث الذي تطرقنا إليه، ربما يراه البعض بأنه اشبه بالمستحيل او انه شيء من وحي الخيال، الا أن التجارب التاريخية خير برهان ودليل على خطأ تلك الأفكار، في وقت أكدت تلك التجارب أن ما ذهبنا اليه هو الواقع بعينه، بل هو عين الصواب وليس تفاؤلا مفرطا ليس إلا.
إنَّ التجارب التاريخية التي قصدناها، كشفت لنا حجم المطاحن الحمراء وأنهر الدماء التي سالت في حروب أهلية بين الشعوب الأوروبية الهجينة وأيضا بين شعوب الولايات الأميركية المتقاتلة، حيث كانت أسس الفتنة الداخلية في تلك الأوطان أسسا عرقية ودينية تارة، او ارستقراطية وبرجوازية تارة أخرى، الا أن لحظة الحقيقة كانت اقوى من تلك الدماء والحروب، حيث استطاعت تلك الشعوب الايمان المطلق فيما بعد أن خلاصها يكمن باستنهاض العقل وترك التعصب القبلي المقيت.
ولا نريد الخوض في تلك التجارب لعل فكرتنا تكون قد وصلت لنعود الى وطننا الجريح، حيث لم تسل تلك الدماء بين شعبنا الواحد ولم تكن أي حالات ازدراء للأديان بل العكس هو الذي كان، نحن شعب نحترم الأديان كلها والعروق جميعها بل نحن من اسسنا المذاهب، لنتبحر في علوم الدين ونجعل له مخارج عدة لتكون أحكامه ميسرة على الناس لا عسيرة، فما الذي حدث لنتقاتل أو نؤمن بفكرة تآمر الكل على الكل؟ الذي حدث هو رغبة خارجية من وراء الحدود بخوض شعبنا تجربة عاشها العالم الأول الحالي لعشرات السنين وربما المئات، وبالتالي إعاقة تقدمه لعشرات السنين وجعله خارج المعادلات الإقليمية 
والدولية.
أخيرا إن التقدم الحاصل على المستوى الذهني والثقافي في المجتمع العراقي نراه كافيا لإحداث ثورة مجتمعية ناعمة تغير الواقع نحو الأفضل، من خلال الدفع بالقوى السياسية نحو الصواب ونحو التوافق لدفع البلاء أولا عن بلادنا، وبالتالي فتح الطريق للتخطيط الستراتيجي لغد أفضل بتكاتف وتعاون جميع أطياف الشعب وفي ظل هدوء دولي في الجوار.. والحليم تكفيه 
الإشارة.