الغباء خصوصاً

العراق 2022/01/15
...

أحمد عبد الحسين
 
stop making stupid people famous
"توقفوا عن جعل الأغبياء مشاهير".
هذه العبارة أُطلقتْ بداية العام الحالي في مواقع التواصل وفي الشوارع ومحطات المترو بأميركا وكندا، لكنَّ الجملة ذهبتْ سدى لأنها وصلتْ متأخرة.
العبارة لا طائل منها لأنها نداء استغاثة جاء بعد فوات الأوان، بعد أن ترسَّختْ أعراف وتقاليد جديدة في السوشيال ميديا وصارت التفاهة المعيار الأوحد للشهرة والجامع المشترك بين المشاهير.
الرغبة في أن تكون مشهوراً طبيعية، في ما مضى كانت هي المحرِّض على الدراسة والتعب واكتساب المهارات وصقل المواهب، لكنها اليوم محرِّض على أن يُخرجَ الإنسانُ أقبحَ ما فيه من دون كثير نظر إلى المصدّات الأخلاقية والإنسانية.
والتفاهة إذا انطلقتْ من عقالها لا تتوقف عند حدّ.
أمس، مع أنباء التفجيرات الإرهابية التي استهدفتْ مقارَّ حزبية في الأعظمية واليرموك والكرادة، لم أستحضر في بالي التجاذب السياسيّ ولا التغالب بين فائزين وخاسرين. أوّل ما قفز إلى ذهني التغريدات و"البوستات" التي كتبها مشاهير في فيسبوك وتويتر وفيها فائض من التحريض على العنف ودعوات حماسية لتحكيم القوّة وفرض الإرادات بقوة السلاح.
علينا أن نهنئ هؤلاء السادة المغرّدين، لقد تخطوا مرحلة التفاهة ودخلوا في مرتبة القتلة. ففي كلّ دولة ديمقراطية يوجد تجاذب وصراع واشتباك إرادات تصل إلى حدّ التهديد، وفي الديمقراطيات المشكوك بها كديمقراطيتنا يُرفع السلاح عند كلّ أمر مشكل. لكنَّ المهمة الأرذل هي لهؤلاء المشاهير الذين يهيئون الأرض للاحتراب ويشدّون من عزيمة القتلة ويعطونهم الذرائع. القتلة محظوظون بمشاهير أغبياء كهؤلاء.
عرفتُ الآن معنى الجملة الموحية للشاعر الراحل أنسي الحاج في خواتمه: "الغباء إرهاب.. الغباء خصوصاً".