الشارع بوصفه برلماناً

آراء 2022/01/15
...

 حارث رسمي الهيتي
 
تقدم البرلمانات خدمة غير منظورة بشكل مباشر لأي نظام سياسي، فعلاوة على أنها - من المفترض أن تكون هكذا - المساحة التي تؤمن فرصةً لصراع المصالح وتقديم التشريعات، التي من شأنها أن تعبر عن طموحات وتطلعات المجتمع/ الجماعات في الرقعة الجغرافية المعينة/ الدولة كحدود جغرافية، اضافةً الى تمثليهم، هنالك مهمة تضطلع بها هذه المؤسسة، من حيث إنها مجالٌ ممكن من خلاله احداث التغيرات التي يطمح لها المجتمع، وبالتالي يكون –البرلمان- الضامن الحقيقي لعدم وصول النظام السياسي لمرحلة أن ينغلق على نفسه ويكون عصياً أمام محاولات تغيره أو تحديثه أو حتى اعادة تشكيله. 
والبرلمان بمهمته هذه يشترك مع الانتخابات الدورية التي يعمل من خلالها النظام السياسي، باعتبارها وسيلة وأداة للتغير ولا جدوى من وجودها بغير هذه الصورة.
واحدة من جماليات كتاب (الحياة السياسية.. كيف يغير البسطاء الشرق الأوسط) للكاتب الايراني – الأمرييي آصف بيات انه يحرث في أرضٍ بكر، ليقدم رؤية مغايرة لصورة نمطية، اعتدنا أن نطرحها أو نسمعها وبالتالي نتعامل بها ومن خلالها مع البسطاء والمحرومين من سكان العشوائيات والمدن والأحياء غير النظامية. يختلف عندما يرى أن هذه المناطق ليست ارضاً تنتج العنف والجريمة والتطرف والمخدرات وتتكاثر فيها المشكلات الاجتماعية، بل باعتبارها بؤرة مهمة للنضال حسب تعبيره. 
في كتابه هذا يتحدث بيات عن الخطورة التي يمثلها استبعاد هؤلاء البسطاء على الدوام، استبعادهم الذي يكون بشكله الأولي استبعاداً من الحياة السياسية، ومن ثم استبعاداً لمجمل حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي هذه اللحظة يتحول فيها الشارع الى برلمان، هؤلاء الذين لا يمتلكون امكانية الاضراب عن العمل الذي من شأنه أن يجبر من في الأعلى على الجلوس والاستماع لهم، ليس أمامهم من حل غير التوجه نحو الشارع، باعتباره الفضاء الوحيد المتاح امامهم للتعبير عن عدم رضاهم بما يحصل.