رياح المنافذ

آراء 2022/01/16
...

 ثامر الهيمص
 
لا زال هذا الملف يؤرقنا كونه, يتناسل مع الايام، اذ بدأ بتهريب النفط الذي كان امتدادا لتهريب رسمي ابان الحصار، اي تشكلت له بنية مصالح انذاك، حيث كان التهريب بطابع رسمي, ما زلنا ندفع ثمنه باهظا ماليا، نظرا لمتاهة المال المجند آنذاك وذهابه لملاذات المهربين عموما, لتنظم إليه الأموال المغسولة والمهربّة بعد ذلك، لنفتح ملفا قضائيا اخر لها. بعد ليبرالية بريمر انعكس الامر اذ باتت الملفات( قطاعا خاصا) ولكن بأذرع أطول. من تهريب النفط الى المخدرات مرورا بالغذاء والدواء والمواد الانشائية والصناعية, فمن خلال مبيعات البنك المركزي للمصارف الأهلية بلغت في عام 2015 اكثر من 44 مليار دولار, وما زالت المبيعات مفتوحة. لا شكَّ أن المخدرات مهربَّة وأثمانها بالدولار عموما , لاسيما عندما نعلم أن 18000 تاجر ومروج الآن خلف القضبان, فماهو العدد الفعلي للفاعلين؟ ألم تكن ريح المنافذ تستدرجهم من مناشئ مختلفة. إنها آفة كبرى (المهرب بإجازة استيراد او المهرب من دونها) يصعب تحجيمهما من خلال المنافذ الحدوديه فقط, كما يصعب ضبط مواردها بموجب اجازة الاستيراد, في ضوء ما تقوله وزارة الماليه من أن 12 % فقط من رسوم الجمارك تصل للمالية والمقدرة رسميا بسبعة مليارات دولار، اذا ما كانت الجباية حسب الأصول, والمالية تعزو الأسباب لتدخلات متنوعه معروفة. اضافة لما تقدم هناك استثناءات ضمن قانون الجمارك. 
فالميزان التجاري بات أمرا منسيا، اذ الصادرات غير النفطية يقزمها عملاق الاستيراد بفضل انفتاحية اجازة الاستيراد وسوق العملة, وصادرات النفط أصبحت مجرد ممول لهذا الذي يتعملق مع الأيام. رغم اجراءات وقف النزيف، كما حصل في تخفيض سعر الصرف للدينار، رغم أن الهدف الأساس كان لتدبير نفقات الموازنة أولا. 
فما زالت السوق مفتوحة بابسط روتين, ليتها بذات النفس مع الاستثمار الصناعي والزراعي، اذ ينتظر المتقدم الويل والثبور، كون الاستثمار عموما يتيما لم تألفه البيروقراطية، بل بات ساحة للأخذ والرد لأنه بات جزءا من مهام ذات الاجهزة، التي تورطت في القضايا الواردة اعلاه, فليس مستبعدا أن يكون الاستثمار بعيدا عن الفساد، لا سيما نحن نؤسس لبنية تحتية للصناعة، من خلال المدن الصناعية، وغيرها من المشاريع النفطية وغير النفطية، وتحديث الزراعه بما ينسجم مع شح المياه التاريخية وغير المسبوقة. هذه المهام الجسيمة ليس من المتوقع أن ينفذها من جربناه في الماضي القريب الذي اوصل البلد لوضعٍ لا نحسد عليه. 
الحلول لملف المنافذ الذي اتسع للمخدرات وغيرها، لا يمكن من دون تأسيس الداخل تيمنا بقوله تعالى: «إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى  يغيروا ما بأنفسهم», لذا فإن للترقيع مخاطره فإن تراكمه تصبح عواقبه أخطر مع الزمن, بهذا يكون استنفار القوى الدينية والاجتماعية والنشاط المدني, بخلق رأي عام مساند للجمارك بمكافحة المخدرات خصوصا والتهريب عموما, كونهما مقتلا للفرد والمجتمع واستهدافا ليس بريئا ولا عفويا, كلنا أمل في الدورة المقبلة للبرلمان بوزارتها ان توقف النزيف من المنافذ وشبكة اتصالاتها الرسمية المالية والتجارية والبنك المركزي . لتصبح حجر الاساس لحسم كثير من ملفات الفساد، كون أغلب مواردنا تذهب للاستيراد العشوائي، الذي هو أس الفساد من تهريب وغسيل وافساد للعاملين, اذ ليس معقولا او مقبولا أن تشكل الأموال المهربّة 32 % من واردات العراق خلال 18 سنة المنصرمة, والأسباب معروفة. البديات مشجّعة، رغم انها تحبو خوفا من جنبتها السياسية، التي هي شأن المتصدي القادم. وإلا نخسر يابسنا وأخضرنا .