الحزب التاريخي والحزب الطارئ

آراء 2022/01/19
...

 د. شاكر كتاب                  
ينقسم المشهد السياسي العراقي الى فصول وأجنحة وكيانات سيصل عددها قريبا الى عدد نخيل العراق بسبب الفوضى التي لم تترك مجالا إلا ودخلته، من هذه الأحزاب ما هو أصيل ذو قضية واضحة وأهداف وطنية محددة، ومنها ما لا يمتلك رؤية ولا قضية ولا أهدافاً بمعناها المفهوم. 
  
فالحزب التاريخي ينبثق من ظروف موضوعية تاريخية قاهرة، والحزب الطارئ تأسس بناء على قرار لشخص واحد او لعدة أشخاص. والحزب التاريخي يتبنى قضية تاريخية كبيرة بغض النظر عن اتفاقنا معه بشأنها أم لا. والحزب الطارئ لا قضية لديه سوى تحقيق غايات المؤسس او المؤسسين.  
 وغايات الحزب التاريخي ان يحقق اهدافا تتعلق بمصير الوطن والشعب في وقت تكون اكبر غاية للحزب الطارئ ان يفوز المؤسس بالانتخابات. بمعنى ان الحزب التاريخي أهدافه وطنية مصيرية بعيدة المدى والحزب الطارئ اهدافه انتخابية تنتهي بفوز او فشل المؤسس بالانتخابات. وتنعكس هذه الحقيقة على التحالفات فالحزب التاريخي يتحالف مع من لديه معه مشتركات فكرية او سياسية كبيرة او مواقف مشتركة والحزب الطارئ يتحالف مع من يحقق له 
أصواتا انتخابية أكثر حتى ولو كان من العفاريت.
 الحزب التاريخي باقٍ مهما امتدت به السنون ما دامت قضيته باقية وأهدافه قائمة ولا علاقة لوجوده ببقاء رئيسه على قيد الحياة أو يموت او يغادر الحزب او يفصل في حين الحزب الطارئ يموت بموت رئيسه او بقرار شخصي منه. وهذا له صلة بالحياة الديمقراطية الداخلية التي يمارسها الحزب التاريخي إذ بإمكانه - بل يلتزم - بإجراء انتخابات للقيادة قد يبقى جراءها زعيمه وقد يتغير. أما الحزب الطارئ فالقائد مخضرم ثابت عنود صامد ويا جبل متهزك ريح. جماهير الحزب التاريخي ثابتة وقواعده راسخة وشريحته الاجتماعية باقية وتتفاعل معه ما دام الطريق واسعا للنضال والعمل، اما الطارئ فجمهوره مؤقت محدود 
ينفض عنه بعد انتهاء الوليمة او انقطاع المساعدات.
ويمتد الحزب التاريخي في كل أنحاء البلاد وقصباتها والطارئ يتحدد بمحل إقامة وسكن القائد المؤسس ومضرب عشيرته وأبناء عمومته.                          
 بهذا تصبح قضية الحزب التاريخي قضية شعب بأكمله او على الأقل طبقة منه وشرائح أساسية ولا نجد أي تعارض بين مصلحة الشعب ومصلحة الطبقة الأوسع 
والأكثر تأثيرًا في حين قضية الحزب 
الطارئ هي قضية العشيرة في أحسن الأحوال ان لم تختزل لتغدو قضية فخذ من أفخاذ العشيرة أو رئيس الحزب 
شخصيا.