الضربة الأخيرة

آراء 2022/01/21
...

 عدوية الهلالي
 
مع ظهور متحور أوميكرون ودخوله الى العراق، بدأت المشاعر السلبية تظهر على السطح وتؤثر في معنويات الناس، فبعد ما يقرب من عامين، لا يمكن للمرء أن يتجاهل ما أصبح عليه الحال بعد موجات كورونا المتلاحقة، وتأثيرها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمجال العلمي والتربوي والصحي وكل المجالات الأخرى، فضلا عن تأثيرها في الصحة النفسية والعقلية، التي أدت في الغالب الى الاصابة بالقلق والاكتئاب وتسببت أحيانا في حدوث جرائم وحالات انتحار، ذلك إن التعب من الجائحة وآثارها أدى الى توليد توترات وعواطف وسلوكيات متطرفة.
بعد كل هذا الوقت، يبدو ان هذه الموجة الجديدة هي الضربة الأخيرة لمعنويات الناس، ذلك إن الاشخاص الذين عانوا خلال حياتهم من سلسلة من التجارب السوداء، يدركون جيدا أن قدرتنا على التكيف لا بد وأن لها حدودا معينة، فبغض النظر عن قدرتنا على الصمود بوجه كل المتغيرات والظروف، فإن دماغنا سيتعب لفترة طويلة ويفقد قدرته تدريجيا على المقاومة، وقد يستسلم للخوف واليأس، الخوف من اصابة أحدنا او أحد افراد اسرتنا بالعدوى، حتى لو تمَّ حصولنا على اللقاح، ومن الخضوع مجددا لقيود شديدة تضطرنا الى العزلة والابتعاد عن أحبتنا ومصادر رزقنا ووسائل العيش والترفيه والتعليم ..واليأس أيضا، لأنه وبعد القيام بكل ماهو ضروري من حجر صحي وتباعد وحرمان من التواصل الاجتماعي واختبارات الفحص واللقاحات لدينا انطباع بأننا عدنا الى نقطة البداية، وهو مايصيبنا بالضعف والقلق، ويجعلنا نميل الى رؤية نصف الكوب الفارغ أو ننظر الى المستقبل نظرة معتمة.
هذا هو السبب إذاً في أن المشاعر السلبية هي التي تطفو على السطح مع أدنى بداية لجائحة اخرى.. وهذا ما يولد التهيج ويتسبب بالعديد من المشكلات الأسرية والاجتماعية، التي تؤثر في أفعالنا وعواطفنا وعلاقاتنا وعملنا، بينما ينبغي علينا أن نتعلم كيفية ادارة عواطفنا وانفعالاتنا بشكل أفضل أمام سماع نفس سلسلة الاخبار السيئة، التي ترافق انتشار الجائحة..علينا أن نتذكر مثلا من الناحية الموضوعية، أننا في وضع أفضل بكثير مما كنا عليه في عام 2020، اذ خضع أغلبنا للتطعيم، وهو ما يحدُّ من شدة العدوى، ان لم يكن يمنع انتقالها تماما، كما أننا اعتدنا على حماية صحتنا الجسدية والعقلية، وعلينا أن نستمر في ذلك، مايعني أن علينا ألا نتوقف عن العيش وأن نتحرك ونستنشق هواء نقيا ونتحدث مع من نحبهم ونسترخي ونستمتع ونتعامل بايجابية مع الجميع، والأهم من كل ذلك هو أن نتذكر دائما بأن كل ذلك سينتهي، حتى لو بدا ذلك بعيدا ففي أوقات الازمات علينا أن نتذكر دائما أن التضحية بالأمور الضرورية في حالات الطوارئ والأزمات تجعل الضروري أقل الحاحا في
 المستقبل.