قراءة في الأمر الولائي للمحكمة الاتحادية العليا

آراء 2022/01/23
...

  مصطفى كاظم الزيدي 
 
تتمثل الوظيفة الأساسية للقضاء في حسم المنازعات، وذلك بإصدار أحكام قضائية فاصلة تقرر الحقوق وتسندها الى أصحابها وتوفير الحماية لها، وذلك بتوقيع الجزاء القانوني على من يخل بالقوانين ويعتدي على هذه الحقوق عن طريق اتباع الآليات القانونية لتحقيق العدالة، وإنَّ أعمالا ليست ذات طبيعة واحدة، فبعضها له طبيعة قضائية بحتة تنصب اساسا على حسم المنازعات، وهذه الأحكام القضائية، التي تعد النتيجة الطبيعية لسلطة القاضي الاصلية التي ترتب آثارا دائمة كونها تنهي الخصومات وتثبت الحقوق والمراكز القانونية، وبالمقابل هناك أعمالٌ لا يصدرها القاضي بما له من سلطة قضائية في فصل المنازعات وانما تعد وسائل تحفظية وقتية، تهدف الى مساعدة مقدم الطلب على تحقيق مصلحته المشروعة دون المساس بأصل الحق، وهذه الأوامر الولائية التي تحافظ على تلك الحقوق و تعمل على بث الطمأنينة بين أوساط طالبيها حتى تستقر المراكز القانونية الى حين الفصل في الخصومات، وإن الامر الولائي يوقف تنفيذ القرار، ويتمتع الامر الولائي بالنفاذ المعجل بقوة القانون وتقوم المحكمة بتنفيذه مباشرة، وقد أصدرت المحكمة الاتحادية العليا الامر الولائي رقم 1 / امر ولائي /2022 في 13/1 /2022 والمتضمن استيفاء الطلب للجوانب الشكلية، وان القضاء الدستوري له الولاية العامة في المسائل الدستورية طبقا لاحكام المادة ( 93 ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005، وحيث إن القرارات المتخذة في الاوامر الولائية مؤقتة و تصدر بدون خصومة ولا يمكن اعتبارها من الأحكام، لذلك تكون حجية الامر الولائي مؤقتة في حدود الدعوى التي صدر بموجبها ذلك القرار وصفته الوقتية، التي يتصف بها الامر الولائي تنتهي حين التعرض لأصل الحق من محكمة الموضوع، وحيث إن الاسباب الموجبة لقانون المرافعات المدنية (وظيفة القاضي القضائية توجب أن يفصل بين الخصوم بعد تقدير حقوقهم وواجباتهم ولو تقدير ظاهري يتحسس به أصل الحق، اما وظيفته الولائية فتقتصر على اتخاذ اجراءات تحفظية ووقتية هي في الواقع اجراءات ادارية محضة)، عليه ولكل ما تقدم قررت المحكمة الاتحادية العليا ايقاف عمل هيئة رئاسة مجلس النواب المنتخبة في الجلسة الاولى لمجلس النواب المنعقدة بتاريخ 9/1 /2022 ايقافا مؤقتا، لحين حسم الدعويين (5 / اتحادية /2022 ) و (6 / اتحادية /2022 ) و صدر القرار بالاتفاق باتا وملزما للسلطات كافة. فالأمر الولائي الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا هو امر مؤقت، وهو لا يقيد المحكمة وهي تفصل في طلب إلغاء الاجراءات المتخذة في الجلسة الاولى لمجلس النواب العراقي في دورته الخامسة، وإن الامر الولائي يزول أثرا ولا يبقى له أيًّ أثر بمجرد صدور حكم في الدعوتين المنظورتين من قبل المحكمة الاتحادية العليا، كما إن الامر الولائي الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا ينتهي وتستنفذ أغراضه بصدور حكم حاسم في الدعوتين، حيث إن اللجوء الى اصدار امر ولائي هو لتوفير الحماية ولو كانت مؤقتة للحقوق والحريات والمراكز القانونية وباتباع اسلوب يتميز بالاختصار في الاجراءات والسرعة في الوقت، وإن الامر الولائي يندرج تحت مبدأ الحق في التقاضي، الذي تكفله المواثيق والدساتير ومنها الدستور العراقي النافذ لعام 2005 وإن الامر بوقف التنفيذ يعتبر من الضمانات الاساسية للأفراد للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم ومراكزهم القانونية.