أمنية.. حزن لا ينتهي

العراق 2022/01/23
...

 بغداد: اسراء السامرائي 
 
بعيون دامعة وملامح خطت عليها آثار حزن مكبوت لأعوام طويلة، حكت أمنية وهي تغالب انهمار دموعها، قصتها المأساوية، وكيف فقدت وهي طفلة حنان والدتها بين ليلة وضحاها، وكبرت في كنف خالتها، بعد أن توفيت والدتها وهي لم تبلغ بعد العاشرة، ملتحقة بوالدها الذي كان قد فارق الحياة قبلها بأعوام، في تفجير إرهابي. وتكمل أمنية بصوت يتهدج أن «والدتها التي خطف مرض القلب حياتها، بعد أن رقدت في المستشفى لأيام معدودة فقط، رحلت إلى بارئها تاركة إياها تعيش مرارة اليتم وهي بعد طفلة بلا أخ أو أخت لها يؤنس وحدتها أو يرعاها».   وإذا كانت أمنية قد وجدت خالة تربيها، فهناك مئات غيرها يجدون أنفسهم فجأة وهم أطفال بلا أبوين أو معيل، ويتوجب عليهم خوض معترك الحياة وحيدين، وتعد شريحة الأيتام في البلاد، الأكثر تضرراً بالمجتمع، في ظل عدم وجود برامج أو خطط حقيقية أو فاعلة لرعايتهم سواء بمديات قصيرة أو طويلة.وتضم بغداد 171 يتيماً ترعاهم الحكومة بشكل رسمي ضمن خمس دور للأيتام في العاصمة فقط، بحسب ما أفاد به مدير دائرة الاحتياجات الخاصة في محافظة بغداد وميض كامل حاتم.وبحسب الباحث الاجتماعي ماجد عبد الصاحب، فإن “الغالبية العظمى من الأسر الفقيرة التي فقدت أحد الأبوين أو كليهما في البلاد، لا تجد برامج حقيقية لرعايتها ودعمها بشكل صحيح، سوى منح مالية خجولة ومتباعدة، إلى جانب مساعدات تقدمها العتبات المقدسة أو منظمات المجتمع المدني أو مؤسسات انسانية وخيرية”. 
منظمة (اليونيسيف) التابعة للأمم المتحدة، كانت قد أعلنت قبل عامين، أن  عدد الأيتام في العراق تجاوز الخمسة ملايين طفل، بينما عدت وزارة التخطيط حينها هذا الرقم، مبالغاً به، محددة عددهم بما لا يتجاوز الـ 850 ألفاً فقط، بيد أن كل ذلك يبقى مجرد أرقام غير دقيقة لعدم وجود تعداد سكاني حقيقي للسكان. 
وتؤكد أمنية أنها «لولا رعاية واهتمام خالتها، لم تكن لتتمكن من إكمال دراستها ودخول كلية الصيدلة التي كانت أمها تتمنى أن تراها فيها»، متساءلة في حزن « لو أني كنت بعد وفاة والدتي بلا معيل، لانقلبت حياتي رأساً على عقب، ولأصبحت مجرد يتيم يضاف إلى تعداد مئات أو آلاف غيره، بلا رعاية حقيقية أو طموح أو أمل يحدوه لأن يكون يوماً عنصراً فاعلاً في المجتمع

 

• تحرير: مصطفى مجيد