عمالقة التكنولوجيا ينتقدون ضرائب فرنسا الرقميَّة

علوم وتكنلوجيا 2019/03/12
...

باريس/ أ ف ب
أثارت خطة الضرائب الفرنسية التي تستهدف شركات التكنولوجيا الكبرى، انتقادات من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا الذين حذروا من أن هذه الخطوة تضر بمحاولة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحويل البلاد إلى «دولة شركات ناشئة»
نسبة 3 في المئة
 
وقدم برونو لو مير Bruno Le Maire، وزير المالية الفرنسي، الاسبوع الفائت مشروع قانون لفرض ضريبة دخل جديدة بنسبة 3 في المئة على الشركات ذات نماذج الأعمال الرقمية والإيرادات التي تزيد على 750 مليون يورو على مستوى العالم و 25 مليون يورو في فرنسا.
وتعرف هذه الضريبة محليًا باسم ضريبة GAFA، وهي الأحرف الأولى من أسماء شركات غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل.
وتميل الشركات الرقميَّة الكبرى إلى دفع ضرائب بنسبة أقل من 10 في المئة ضمن الاتحاد الأوروبي، ما يمنحها ميزة تنافسية هائلة على الشركات التقليدية التي تدفع نسبة بمعدل أعلى من 23 في المئة.
ويؤثر هذا في نحو 30 شركة، بما في ذلك شركات التكنولوجيا في الولايات المتحدة غوغل وآبل وفيسبوك وأمازون، إلى جانب الشركات في الصين وألمانيا وإسبانيا والمملكة المتحدة، وشركة فرنسية واحدة هي منصة الإعلان Criteo.
ويمكن، في حال وافق البرلمان، على سن القانون بأثر رجعي ابتداءً من الأول من شهر كانون الثاني من هذا العام.
وقدرت الحكومة أن القانون سوف يوليد إيرادات حكومية تزيد عن 500 مليون يورو هذا العام.
 
ضريبة القرن الـ21
وقال لو مير في مؤتمر صحفي: "نريد أن نبني ضريبة القرن الحادي والعشرين. يجب أنْ نتصرف ضد الآثار الضارة للإطار التنظيمي والمالي الذي يسمح للعمالقة الرقميين بالنمو دون أي حدود وبدون أي سيطرة".
وكانت فرنسا مؤيدة بقوة لإيجاد طرق للحصول على إيرادات ضريبية أكبر من الشركات الرقميَّة والتقنيَّة حيث تقوم ببيعها، وتضغط لمحاربة طريقة التهرب من الضرائب عن طريق تحويل الأرباح إلى ملاذات ضريبية مثل أيرلندا ولوكسمبورغ.
ووفقًا للحكومة الفرنسية، فإنَّ الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة تدفع في المتوسط معدل ضريبة أعلى بـ 14 نقطة مئوية من الشركات الرقمية.
وواصلت باريس ضغوطها بعد فشلها في الحصول على موافقة جماعية لضريبة رقمية واسعة النطاق على مستوى الاتحاد الأوروبي في مواجهة معارضة من أيرلندا والسويد والدنمارك.
 
دائما يوجد تحيز
وحذر المسؤولون التنفيذيون في صناعة التكنولوجيا من أن الضريبة الجديدة قد تقوض جهود الرئيس ماكرون لتعزيز صناعة التكنولوجيا في فرنسا.
وقال أسامة عمار Oussama Ammar، الشريك المؤسس لـ The Family، وهو مسرع للشركات الجديدة في باريس: "بالنسبة إلى الحكومة الفرنسية، فإن شركات التكنولوجيا مرادفة للشركات الأميركية، ما يعني أنه يوجد دائمًا تحيز عند وضعها للقوانين".
وأضاف أنه لا توجد شركة محلية كبيرة هنا لمكافحة ذلك وجعل القضية تتعلق بالقيم وخلق الوظائف، فالتشريعات والضرائب الأكثر سوءًا تجعل من الصعب زيادة الشركات المحلية.
وحذر الاقتصاديون من أن فرض ضريبة جديدة في فرنسا، والتي تغطي مجالات مثل الإعلان الرقمي، والمنصات عبر الإنترنت، وإعادة بيع البيانات الخاصة، سيكون من الصعب جمعها.
وقال جوليان بيلفيج Julien Pellefigue، الخبير الاقتصادي في شركة تاج Taj، وهي شركة محاماة: "من المفترض تطبيق الضريبة على العائدات القادمة من الجمهور الفرنسي، ومع ذلك، فإنه لا يتم تخزين هذه المعلومات في أي مكان، وسوف يكون من الصعب الحصول عليها".
 
اتفاق عالمي
وقال المتحدث باسم شركة غوغل: "نحن ندفع دائمًا جميع الضرائب المستحقة ونمتثل لقوانين الضرائب في كل بلد نعمل فيه في جميع أنحاء العالم. تدفع غوغل الغالبية العظمى من ضريبة دخل الشركات في الولايات المتحدة، وقد دفعنا معدل ضرائب عالميا بنسبة 23 في المئة خلال السنوات العشر الماضية".
فيما أشار المتحدث باسم فيسبوك إلى أن الشركة تدفع جميع الضرائب التي يتطلبها القانون في البلدان التي تعمل بها، مضيفًا أنها سوف تواصل الالتزام بالتشريعات الفرنسية والأوروبية.
وأوضح أن الشركة أنشأت في فرنسا هيكلًا جديدًا للمبيعات والفوترة في العام 2018. بحيث يتم تسجيل جميع عائدات المعلنين في فرنسا، وتأمل فيسبوك في أن تنهي منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عملها في ما يتعلق باتفاق عالمي على الضريبة الرقمية.
وفي إحدى القضايا المعروفة فقد خلُصت المفوضية الأوروبية إلى أن شركة أبل دفعت ضريبة شركات لا تتعدى 0,005 % على أرباحها في أوروبا في 2014 وهو ما يعادل 50 يورو على كل مليون.
وفي 2016 أصدرت المفوضية الأوروبية أمرا لهذه الشركة بدفع 13 مليار يورو كضرائب بأثر رجعي إلى إيرلندا.
 
دول منخفضة الضرائب
وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي في إمكان شركات الانترنت العملاقة اختيار الإعلان عن دخلها في أي دولة من دول الاتحاد، وهو ما دفعها إلى اختيار الدول المنخفضة الضرائب مثل إيرلندا وهولندا ولوكسمبرغ.
هذا، ولن يتم استهداف الشركات التي تبيع منتجاتها على مواقع الويب الخاصة بها، مثل متاجر التجزئة الفرنسية "دارتي" Darty التي تبيع أجهزة التلفزيون والغسالات عبر موقعها الإلكتروني. ولكن يتعين على شركات مثل أمازون، التي تكسب المال كوسيط رقمي بين المُنتِج والعميل، أن تدفع الضريبة. كما ستستهدف الضريبة أيضًا مبيعات البيانات الشخصية لأغراض الدعاية.
يُشار إلى أن فرنسا قادت جهودًا لفرض الضرائب على الشركات التي لديها عائد رقمي كبير في الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تحرز سوى تقدم طفيف في الوقت الذي تُبدي ألمانيا برودًا تجاه الفكرة، في حين تعارض الدول الأعضاء ذات معدلات الضريبة المنخفضة للشركات مثل لوكسمبورغ وأيرلندا بشدة الاقتراح أو العرض.
وتعمل بريطانيا وأسبانيا وإيطاليا بدورها على فرض ضريبة رقمية جديدة، بينما تعتزم اليابان وسنغافورة والهند وضع خطط متصلة.