المخدرات.. عدو جديد

العراق 2022/02/07
...

 بغداد: هدى العزاوي 
 
تفاقمت آفة المخدرات على مستوى البلاد حتى أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد الكيان الاجتماعي بأكمله، بل أصبحت وفق تعبير الأجهزة الأمنية المختصة وجهاً آخر للإرهاب الذي يهدد سيادة وسلامة البلد بأكمله، ورغم عمليات إلقاء القبض التي تجريها الأجهزة الأمنية بحق تجار ومروجي ومدمني المخدرات والتي بلغت 12 ألف شخص في السنة الماضية 2021؛ إلا أن ثغرات كبيرة تتمثل بعدم إيجاد حماية حقيقية للقضاة الخاصين بهذه الجريمة إضافة للتدخلات في عمل الأجهزة العدلية والتنفيذية المطاردة لتجار الموت.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا في حديث لـ"الصباح": "لقد شخصت وزارة الداخلية موضوع المخدرات على أنه موضوع خطير يواجه المجتمع العراقي بجانب العمليات الإرهابية التي بدأت تنحسر وبشكل كبير، ولكن البيانات والأدلة تشير إلى أن المخدرات قضية كبيرة وخطيرة تواجهنا ولا تشكل خطورة فقط على الفرد نفسه وإنما تتعدى ذلك على المجتمع، خاصة وأن الكثير من المجرمين الذين تم إلقاء القبض عليهم كانوا تحت تأثير المخدرات وبجرائم مختلفة سواء كانت عمليات سرقة أو اغتصاب أو تحرش".
وأوضح أن "وزارة الداخلية اتخذت إجراءات صارمة وأطلقت حملات مكثفة، إذ بلغ عدد الذين تم إلقاء القبض عليهم عام 2021 (12) ألف شخص بين تاجر ومروج ومدمن، وحقيقة هذا الرقم كبير جداً وتم خلال حملة واسعة من قبل تشكيلات وزارة الداخلية سواء مديرية مكافحة المخدرات أو قوات النخبة الرد السريع والاستخبارات وجميع الجهات التحقيقية". وأضاف، "كانت هناك أوامر مشددة من قبل وزير الداخلية على التقارير اليومية وعلى مجمل نشاطات جميع الدوائر، وكانت إحدى ثمار هذه الحملات ضبط أطنان من المواد المخدرة وإلقاء القبض على كبار تجارها بالإضافة إلى المواد التي كانت بحوزتهم وقتل بعضهم نتيجة صدامات مباشرة".
وأكد المحنا أن "الجانب المهم الذي تقوم به وزارة الداخلية تحصين المجتمع من خلال الأجهزة المتخصصة عبر مديرية الشرطة المجتمعية ومديرية شؤون العشائر لتوعية المواطنين بأهمية الإبلاغ، فضلاً عن مضار هذه المواد".
من ناحيته، أكد الخبير الأمني الدكتور أحمد الشريفي في حديث لـ"الصباح": "أن خطورة المخدرات اليوم في العراق توازي خطورة الإرهاب كونها تستهدف المنظومة القيمية للمجتمع، فضلاً عن أنها تهديد لسيادة وأمن الدولة ، لذا نحن أمام تحدٍ كبير يصنف على أنه تحد يهدد الأمن القومي وتحد للسيادة، لذا وجب بأن تدرس هذه الظاهرة دراسة دقيقة تبدأ بالفرد الذي يهدد ويمس المجتمع، فما جدوى الدولة بدون المجتمع". ولفت الخبير الأمني إلى "ضرورة البدء بالتوعية بمخاطر المخدرات وبالتحديد شريحة الشباب الذين يمثلون مرتكز قوى الدولة، ثم الاتجاه إلى وسائل الردع القانونية والقضائية المشددة والبحث عن المنافذ التي تحدث فيها خروقات والتوجه لمعالجتها، ولكن الأهم من ذلك عندما نتحدث عن حصانة الفرد وعن تشريع قوانين ومسك الحدود لابد من وجود آلية لإنفاذ هذه الأوامر من خلال تحصين قوى الردع التنفيذي ببرامج خاصة، وهذا الموضوع حقيقة موجود إلا أنه لم يعزز بدعم حكومي حتى يصبح أقوى من الجريمة المنظمة، فالجريمة المنظمة خطيرة جداً إذا ما كانت بظاهرها جنائية وباطنها سياسي، فإن اغتيال وسائل الردع هي ليست قضية جنائية بقدر ما هي قضية اغتيال قدرات وطنية في مواجهة تهديد سيادي، لذا لابد من إعادة النظر بستراتيجية الرد وتقديم حمايات ضامنة للقضاة، كونهم من يصدرون القرار وعلى أساسه تنفذ السلطة التنفيذية".
وأشار إلى أن "تردد القضاة بإصدار القرارات وتعطيلها نتيجة الخوف يؤدي إلى تعطيل السلطة التنفيذية التي لا يمكن أن تتحرك إلا بأمر قضائي، وبالتالي إذا تردد القضاء في إصدار قراراته بمعنى أنه جمدت قوة مكافحة المخدرات عن عملها، لذا لابد من تحصين القضاة وتأمين استقلالية قرارهم من الضغوط الحزبية والتوازنات السياسية فضلاً عن منحهم اهتماماً وحماية أسوة بالبرلمان والسلطات الأخرى".
 
تحرير: محمد الأنصاري