الأولويَّة لرجال الإطفاء

العراق 2022/02/12
...

أحمد عبد الحسين
 
ما حدث خلال اليومين الماضيين في ميسان مؤلم وخطير.
لا يمكن لأحد استبعاد الانتخابات ونتائجها عن خلفية الأحداث المؤسفة. كان بيان السيد الصدر أمس واضحاً في إشارته إلى أنَّ للتجاذبات بين الكتل مدخلاً في تأجيج النار، وأمس أيضاً اجتمع العقلاء لإخماد هذه النار. وبغضِّ النظر عن كلّ شيء فإنَّ المنطق يقضي بأنَّ أيّ سجال على ضوء الحريق سجال عبثيّ، والأولوية هنا لرجال الإطفاء لا للمساجلين.
خطورة الاغتيالات المتبادلة في ميسان أنها سرعان ما تكتسي طابعاً عشائرياً، فهي مدينة منسوجة بأعراف قبلية أقوى من أي سلطة أخرى، ولذا فإنَّ الدم فيها ـ سواء أسُفك لسبب سياسيّ أم اجتماعي ـ سيتحوّل إلى ثأر. والثأر عمل لا ينتهي: تقتل منّي لأقتل منك في دورة جهنمية يعسر إيقافها.
يدرك الجميع خطورة ما نحن فيه، ويعرفون أنَّ ترك الأمور على عواهنها يعني المجازفة بأن يقفز عصفور النار من ميسان إلى جاراتها وصولاً إلى بغداد، ما ينذر باقتتال أعمى.
اجتماع ممثلي التيار الصدري بممثلي العصائب أمس ضروريّ للغاية، وخلاصته تبرؤ الطرفين ممن اشترك في الأحداث والدعوة إلى التهدئة. وأحسب أنه سيخفف كثيراً من خطورة توسّع دائرة العنف في المحافظة التي هي من بين أغنى مدن العالم بمواردها الطبيعية، لكنّ أهلها في أدنى مراحل الفقر والبؤس.
على المتحاربين ومشعلي الحرائق أن يخجلوا من أنفسهم أمام منظر أناس طيبين تُسرق موارد أرضهم جهاراً نهاراً ويُلقى ما بينهم السلاح والاحتراب والعداوة والثأر لإدامة فقرهم وثراء
الفاسدين. 
ميسان قصة مؤسية لكنْ ليس هذا أوانها. كلّ الوقت الآن لرجال الإطفاء.