أحمد عبد الحسين
التقرير الذي بثته قناةABC News في ما يتعلّق بقضية الضابط العراقي “عمر نزار” صادم حدّ الرعب. من أراد إكماله للأخير عليه أن يتحلى بقدرة فائقة على احتمال الغضب والشعور بالعار.
البطولات التي سطرتها القوات الأمنية في قتالها ضدّ إرهاب عصابات داعش لم تزل وستظلّ لأمدٍ طويل محلّ فخر واعتزاز العراقيين، لكنّ مشاهد كالتي عرضتها القناة لا يمكن استيعابها أو فهمها، وليس بمقدور كلّ متعاطف مع العراق وكاره للإرهاب إلا أن يقف مصدوماً من هول ما يرى.
تعذيب يذكّر بما كان يجري في أقبية أجهزة نظام صدام، أو بما فعله الأميركان في “أبي غريب”، وقتل للتسلية، وإعدامات ميدانية، واغتصاب للنساء أمام أعين أزواجهنّ وأطفالهنّ. كلّ ذلك صوّره الصحفيّ “علي أركادي” الذي قرر مؤخراً الكشف عن “كنزه” المليء بممارساتٍ لا تشبه ممارسات إنسان سويّ تصدر عن أشخاص مدرّبين جيداً ومؤتمنين على أمن العراقيين وصون شرفهم.
لقد حذّرنا طيّب الذكر فريدريك نيتشه في عبارته العميقة “وأنت تطارد الوحش، حذارِ من أن تتحوّل أنت إلى وحش”. ويبدو أن الضباط الذين في التقرير لم يصغوا لنيتشه ولا لضمائرهم ولم يستحضروا ثوابت الدين والإنسانية.
لا يجد المشاهد فرقاً يُذكر بين داعش وهؤلاء الذين يلبسون الزيّ الرسميّ العسكريّ، وكنت طوال وقت مشاهدة التقرير أتساءل ما الذي يفرّق بين الضحية والجلاد؟ وما الذي يجعل من صاحب حقّ وممثل سلطة شرعية يستعير أساليب العصابة في قتاله للعصابة؟
لن تثلم هذه الجرائم السيرة الناصعة للعسكرية العراقية المؤتمنة على حياة الناس وأمنهم وكرامتهم. وواثق أن القضاء العراقيّ ستكون له كلمة واضحة في ردع هؤلاء والانتصار للمعطى المهنيّ والأخلاقيّ الذي كان ولم يزل سمة الجنديّة العراقيّة.