ترجمة: نجاح الجبيلي
يوضح فرهادي: "ما أنا مهتم به حقا وما أريد التعامل معه هو الحياة اليومية العادية، هذا بالنسبة لي ثمين، لكنني أدرك أيضاً خطورة أن تكون مملة ومليئة بالتفاصيل المتكررة التي لا يريد أحد التركيز عليها، لذلك يجب أن تكون نابضة بالحياة، ولكن مع عنصر تشويق يثير اهتمام الجمهور".
كالعادة في عمل فرهادي، لا يوجد شيء أبيض وأسود، وفي فيلم "بطل" A Hero لا توجد شخصيات "طيبة" أو "شريرة" بشكل لا لبس فيه، خلف طبيعته السهلة، يتبين أن مسألة رحيم مخادعة، يقول فرهادي: "بصفتي صانع أفلام، لا أحكم على الشخصيات، ولا أعتقد أنه لا ينبغي الحكم عليها، بل على العكس تماماً، إنها دعوة للحكم، لكنني أتركه مفتوحاً للجمهور، ولا أريد أن أفرض وجهة نظري".
يقر فرهادي بأن أفلامه أقل سياسية ومجاهرة من بعض أعمال نظرائه، وكانت هناك لائحة اتهام بحق رسولوف بعقوبة الإعدام والمصادرة، واضطر رسولوف الذي مُنع من صناعة الأفلام وحُكم عليه بالسجن لمدة عام في عام 2020 (لكنه تجنب حتى الآن عقوبة السجن)، إلى استخدام أساليب حرب العصابات، باستخدام أسماء ونصوص مزيفة، أثناء التصوير في مناطق ريفية نائية، على النقيض من ذلك، أصبح فرهادي الآن مؤثراً عالمياً، كما أنتج فيلمين أحدهما في فرنسا بعنوان (الماضي) والآخر في إسبانيا بعنوان (الجميع يعرف). ويوضح أن "الأمر في إيران يعتمد على نوع الفيلم الذي تصنعه، إذا كان موضوعك أو طريقتك في سرد القصص أقل اجتماعية أو سياسية بشكل مباشر، فقد تكون المشكلة أقل، فأنت تعمل مع القيود ما أمكن ذلك، لكن الأمر يعتمد أيضاً على ما إذا كنت تريد عرض أفلامك في إيران أم لا، لقد كان ذلك دائماً من أولوياتي".
ومع ذلك، فهو لا يأخذ الأمر بسهولة، وفضلاً عن انتقاده لكونه "موالياً للحكومة"، فإنه يُنتقد باستمرار لكونه عكس ذلك، "إن الانتقادات تأتي دائماً من المتشددين ووسائل الإعلام الخاصة بهم، لقد تعرضت لانتقادات تدعي إعطائي"صورة غير واقعية" عن البلاد، وأنا حقاً لا أتفق مع ذلك، على الرغم من المواقف المعقدة التي أصفها في أفلامي، هناك دائماً صورة نبيلة جداً عن الناس والشخصيات والعلاقات، لا أرى "الصورة غير الواقعية" التي يتحدثون عنها".
في الحياة العامة، كان فرهادي صريحاً مع العناصر المتشددة، وكان واحداً من العديد من المخرجين الذين رافقوا رسولوف أمام المحكمة للاستئناف ضد حكم السجن الصادر ضده، ومن خلال أنستغرام، أوضح آراءه حول كل شيء، بدءاً من اسقاط طائرة ركاب أوكرانية بالخطأ في يناير/ كانون الثاني 2020 إلى قضايا المرأة الإيرانية وفيروس كورونا.
وعلى المنوال نفسه، اتخذ فرهادي موقفاً ضد التطرف الغربي، ورفض حضور حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2017 احتجاجا على حظر السفر المثير للجدل الذي فرضته حكومة ترامب ضد سبع دول ذات أغلبية مسلمة، بما في ذلك إيران، وبدلاً من ذلك تلا خطابه المهندس الإيراني الأميركي أنوشه أنصاري، وكتب: "تقسيم العالم إلى فئتين، نحن وأعدائنا "يخلق الخوف، وهو مبرر خادع للعدوان والحرب"، ربما كان يتحدث عن الولايات المتحدة أو إيران.
هناك تشابه كبير بين جميع أنواع التطرف، "إنها جميعها متشابهة إلى حد ما"، يعتقد فرهادي أن الثقافة يمكن أن تكون سلاحاً ضد ذلك، بغض النظر عن مكان تصوير أفلامه، فإنها تتناول الصفات الإنسانية العالمية وأوجه الضعف، فهي تخلق، كما يقول، التعاطف بين "نحن" و "هم"، وكانت هذه دائماً مهمته، هل يشعر أن الثقافة تكسب تلك المعركة؟ يجيب: "لا أعرف، لكني أعتقد أن هناك عنصراً من الزمن، وأعتقد أن تأثير الفنون والأدب والسينما طويل الأمد".
يبدو أنه نجا من هذه المعركة بالذات، ويبقى فيلم "بطل" الفيلم الايراني المرشح للأوسكار، على عكس رحيم ، بطل الفيلم، فإن قصة فرهادي ليست غامضة من الناحية الأخلاقية ولا هي صعود وهبوط سريع، هل يعتبر نفسه بطلا؟ يقول: "لا على الإطلاق، لقد قلت دائماً إنني لست سوى صانع أفلام، لا أريد أن أكون أي شيء آخر".
عن صحيفة الغارديان