هل تغيَّر شيء؟

العراق 2022/02/15
...

أحمد عبد الحسين
الاستثمار في الطائفيَّة أكثر شيء مربح في العراق.
كانت الأموال ومعها السلطة والقوّة والسلاح تتهيأ تلقائياً لكلّ من يتكلم بلسان طائفيّ مبين، وكان كلّ شيء يجري كما لو أنَّ السجال الكلاميّ الألفيّ بين الطوائف نزل على الأرض ويريد احتلال دولة اسمها العراق. ولم تكن الانتخابات لتحجّم أو تقلل من منسوب العطش إلى الطائفية والتبشير بها وتمجيدها بل أصبحتْ كاشفة عنها بشكل فاضح ومحرّضة عليها أحياناً.
وكمْ كان يقال إنَّ الخلل عندنا يكمن في نقص الديمقراطيّة وغياب الانتخابات وإنّنا كلما ازددنا ديمقراطية تناقصتْ طائفيتنا، فاتضح لنا جليّاً أن لا علاقة بين هذه وتلك وأنَّ قوة الطائفية قادرة على ترويض الأرنب الذي يُخرجه الحواة الديمقراطيون من صندوق الانتخاب.
تماماً كما كان يقال إنَّ نقص التعليم سبب آخر لرسوخ الطائفية واستمراء التعاطي معها بتلقائية، حتى إذا كثر عندنا الدكاترة والمتعلمون في كل حقول المعرفة اكتشفنا أنَّ نمط التعليم وآليات المعارف في مؤسساتنا تنتج في كثير من مفاصلها كوادر تعمل بدأب في خدمة ما هو طائفيّ.
كان الطائفيون يعملون بدأب ويرون أرباحهم عياناً في نتائج الانتخابات. غير أنَّ انتخابات تشرين 2021 بعونٍ ومددٍ من تشرين 2019 أوضحتْ أنَّ الاستثمار الطائفيّ يمرّ بأزمة كبرى. لم يعد مجرد إشهار اسم الطائفة كافياً لركوب القطار إلى السلطة. لربما كان التوك توك بطيئاً في مسيره لكنه يظلّ أسرع من قطار عاطل.
طبيعيّ أن تكفَّ هذه الهويّات عن كونها فاعلة مالياً وسياسياً، لا لأنّ الناس سئمتْ وعود أصحابها وحسب، بل لأنها تُستثمر في غير مكانها. ذاك أنَّ الهويّات "ذات الجنبة المقدّسة خصوصاً" التي تملأ القلوب والمحاريب أسمى من أن تكون رقماً في بورصة.
هل هناك تغيير؟ نعم لمن يريد أن يرى. ومع أنَّ الإفراط في التفاؤل مؤذٍ، لكنّ الإفراط في التشاؤم أكثر إيذاء.