أحمد عبد الحسين
الكليبتوقراطية مصطلح سياسيّ إغريقيّ مكوّن من كلمتين: Kleptes أي اللصّ وKratia التي تشير إلى السلطة أو النظام. وهو بذلك يعني حكم اللصوص.
تقوم الكليبتوقراطية كما يشير اسمها على سرقة المال العامّ وحيازة مقدّرات الدولة بيد فئة محدّدة تكون هي الحاكمة بشكل مباشر أو متحكمة في السلطات بفضل السلاح أو بالفساد من خلال الرشى، وتنشط وتزدهر عادة في مواسم الاضطراب السياسيّ والاجتماعيّ الذي يعقب الحروب.
بيئة الكليبتوقراطيّ بيئة فاسدة، ولا يستطيع التحرّك إلا في منظومة فسادٍ، ولذا فإنّه يقف بالمرصاد لكلّ ما من شأنه تقوية مؤسسات الدولة الأمنية أو الرقابية. غير أنه لا يتقدّم إلى الناس بوصفه لصاً أو فاسداً بل أن عمله قائم على استغفال العامة وربطهم به من خلال شعارات يقدسّونها أو هي موضع احترامهم كالدين أو العشيرة أو الفضائل الأخلاقية.
ليس للكليبتوقراطيّ من موضوع سوى المال، هو جوهر وجوده، لكنه في سبيل حيازة المسكوكات المادية يضطرّ إلى المرور بإعدادات رمزيّة تجعله ناطقاً باسم عقيدة أو مدافعاً عن هدف سامٍ أو حارساً للمُثل العليا.
في الدول التي تدخل فكرة الحرب الأهلية في صلب تأسيسها "لبنان والعراق مثالان جليّان" لا تحتاج الكليبتوقراطية إلى كثير من الجهد لتنمو وتزدهر وتجرّ أتباعاً كثراً وراءها. لديها جمهور جاهز مستعدّ للإذعان طوعاً أو طمعاً لكلّ مَنْ يهتف باسم عقيدته التي هي دائماً وأبداً في حرب ضروس مع عقائد الآخرين.
بيئة هشة مثل بيئة المحاصصة "أو التوافقية التي هي اسم الدلع للمحاصصة" هي المجال الحيويّ الذي يستطيع فيه الكليبتوقراطيّ تأسيس سلطانه الرمزيّ والماديّ ليبتلع الدولة ومقدّراتها ويبتسم للحشود وهي تهتف باسمه.
ووحده الخروج من محفل التوافق كفيل بكشف وجه اللصّ وتقويض سلطانه.