الامتنان... الطريق الأمثل للاستقرار الأسري

اسرة ومجتمع 2019/03/15
...

سعد محمد الكعبي
الدكتور جون غراي وهو طبيب نفسي، يؤكد أهمية الشكر في حياة الإنسان الناجح، فالزوجة مثلاً التي تشكر زوجها على ما يقوم به، فان ذلك يحفزه للقيام بمزيد من الإبداعات والنجاح، اذ ان الامتنان يقدم للفرد المزيد من الدعم والقوة، فيما اوضح  الخبير جيمس راي، ان قوة الشكر كبيرة جداً فأنا أبدأ يومي كلما استيقظت صباحاً بعبارة “الحمد لله” لأنني وجدتها مفيدة جداً وتمنحني طاقة عظيمة  ليس هذا فحسب بل إنني أشكر الله على كل صغيرة وكبيرة وهذا سرّ نجاحي أنني أقول “الحمد لله” وأكررها مراراً طيلة اليوم.
قانون الشكر
فالتجمع  الاسري  مع  الام  والاب  والاخوة  والاخوات  هو  اكبر  نعم  الله،  فهي فرصة  تكاد  لا تعوض لو  انتبه   لها  الانسان،  يأتي  يوم  تتوفى  النفس،  يتزوجون  يتخاصمون،  سيذكرون  بعد  فوات  الاوان انهم  كانوا  في  نعم  الله آنذاك لم  يشكروا  الله تعالى عليها،  لماذا ؟ لانهم للأسف  غافلون  بالمرة، فالقرآن والسنة  النبوية  امرانا  بشكر  الله  تعالى  وشكر  المخلوق  ومن  اسدى  لنا  أي  خدمة، هذا  القانون  يكاد يأفل في  العالم  العربي الا النزر اليسير،  في حين  تلقفه الاوربيون  وجعلوه اساسا لحياتهم” وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ” وهنالك الكثير من اي الذكر الحكيم  التي تحثنا على الشكر.
 
اكثر تفاؤلاً
من  منا  راجع  نفسه يوما ما  وشكر  امه  وتذكر  حملها  له  وتربيتها  له  وكذلك  أباه،  البعض    او  الكثرة    تهوى  في  عالم  النسيان  والضيعان  وتتمزق  هذه  الاسر،  الابن  في عالم اخر   والابنة   في  خصام  مع  اهلها،  والاب  مهمش من قبل ابنائه، والام مرمية في دار المسنين او في احد الشوارع والبيت  خاوٍ  على  عروشه !! لماذا  لأننا  نسينا  قانون  الله  قانون  الشكر  والامتنان.
 فالامتنان والشكر للآخرين هو أسهل الطرق للنجاح، حيث بينت دراسة حديثة  أن كلاهما يؤديان إلى السعادة وتقليل الاكتئاب وزيادة المناعة ضد الأمراض.
يقوم الدكتور Robert Emmon وفريق البحث في جامعة كاليفورنيا بدراسة الفوائد الصحية للشكر، وقد توصل من خلال  تجاربه على الطلاب أن الشكر يؤدي إلى السعادة واستقرار الحالة الاسرية والعاطفية والصحة النفسية والجسدية، فالطلاب الذين يمارسون الشكر كانوا أكثر تفاؤلاً وأكثر تمتعاً بالحياة ومناعتهم أفضل ضد الأمراض. وحتى أن مستوى النوم لديهم أفضل.
 
عادة صباحية
علينا باستمرار ممارسة الشكر والامتنان وان نقنع انفسنا  بذلك من خلال الكلام، أي لا يكفي الاعتقاد أو الايمان به إنما يجب أن تقول وتكتب ذلك على ورقة مثلاً: إنني سعيد جداً ... لأنني أشكر الناس على معروفهم... ولاني اشكر اسرتي، امي وابي واخواني واخواتي وكل من يحيط بي ، وعملي ومن يعمل معي، لان كل مافعله سيدفعني الى الابداع والنجاح، وايضا علينا جعل الشكر عادة نمارسها كل صباح، أن نبدأ بشكر الله... وخلال أيام قليلة ستشعر بقوة غريبة وجديدة من نوعها تسهل طريقة النجاح لك.
ومن المؤكد إن العلماء لم يدركوا أهمية هذه العملية إلا حديثاً جداً، ولكن الإسلام جعل الشكر جزءاً مهماً يمارسه المؤمن عبادة وطاعة لله عز وجل، وقد جعل الله جزاءك الجنة إذا شكرت الله وشكرت الناس... لنتأمل الآن هذه الأحاديث والآيات عسى أن نتذوق حلاوة الشكر.
فالله الذي خلقك ورزقك وأنعم عليك بنعم لا تعد ولا تُحصى يستحق منك أن تشكره... ولذلك نجد المؤمن يبدأ صلاته في كل ركعة بعد البسملة ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، لقد أعطانا الله تعالى معادلة رائعة للشكر يقول تعالى: “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ”، فذكر الله وشكره من أهم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة. والإسلام يريد لنا الخير في هذه الدنيا وما بعدها، بينما تقتصر جهود العلماء على تحقيق السعادة في الدنيا فقط.
 
العمل والعبادة
وبما ان الاسرة هي اساس كل مجتمع والابناء اللبنة الاساسية لكليهما كان لابد ان يعود الاباء اولادهم على الشكر مثلما يولوا اهتماما كبيرا بمأكلهم وملبسهم عليهم ان يولوا الاهتمام بهاتين الكلمتين ليكونا جزءا مهما من حياتهم وان يبرمجوا عقولهم على هذا ، يقول تعالى: “وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ”. وتأملوا معي هذا الأمر الإلهي: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)، لأن الإنسان عندما لا يقدر قيمة الأبوين ولا يشعر بحنانهما وما بذلاه في تربيته، فلا يمكن أن يشكر الناس ولا يشكر الله تعالى.
فالشكر ليس مجرد عادة تمارسها بل هو عبادة لله تعالى يرافقك في كل أعمالك، ومعظم الناجحين والمبدعين كانوا يرافقون عملهم بالشكر للناس ولله، وهذا ما أمر الله به. فعلى سبيل المثال أمر الله آل داوود بالشكر أثناء العمل فقال: “اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”،  فالعمل هو نوع من أنواع الشكر أيضاً.