بغداد: مآب عامر 

ومن منطلق تمكين شباب العراق والسعي لإحداث التغيير والإصلاح بأيديهم، كانت مبادرة "نضويها" فرصة لآلاف الشباب الباحثين عن العمل في جميع أنحاء البلاد عبر مهاراتهم الاجتماعية والفنية والثقافية من خلال إطلاق الحملة بشكل واسع في مختلف الصُرُح والمواقع الأثرية والمزارات الدينية. 

اختار مجموعة من الشباب في البلاد رموز الآلهة عشتار النجمة الثمانية كشعار لحملة "نضويها" التي أطلقوها في يوم الثلاثاء 22 /2 /2022 وفي تمام الساعة 22:22:22 بوصفه التاريخ الذي لن يتكرر سوى مرة كل ألف عام. 

وسعى الشباب في إضفاء لمسة عصرية لنجمة عشتار، فشرعوا بإضافة دائرة ونقطة ترمز للضوء في نهاية النفق، على أن يكون القوس أسفلها يشبه (مهوال) يقف عند بوابة عشتار الخالدة وهو يصيح (ها خوتي ها نضويها.. تستاهل حلوة) أما الدائرة فكانت تمثل دورة الحياة في الخصوبة الربيع والأنوثة والأمومة والبقاء والأمل بالشباب في قيادة عصر النهضة العراقية. 

الفعاليات التي تسعى "نضويها" لتحقيقها هادفة ومنتجة، كما يقول منظمو الحملة، إنه بالإضافة إلى الأنشطة الفنية والثقافية هناك بازارات خاصة بعروض المنتجات العراقية التي تعود لشركات صغيرة ومتوسطة وكبيرة وبأسعار مدعومة، فضلاً عن إلقاء كلمات تركز على القيمة الفنية لنصب "إنقاذ الحضارة" أو إنقاذ الثقافة العراقية للفنان والنحات العراقي محمد غني حكمت، الواقع في جانب الكرخ من مدينة بغداد، في منطقة المنصور بالقرب من متنزه الزوراء، وكذلك كلمة لأسرة الراحل ثم وصلة غنائية تقدمها مجموعة "حلم" للموسيقى والغناء الصوفي وعزف الفرقة السمفونية الوطنية بقيادة المايسترو كريم وصفي.  

وتصاحب الحفل مجموعة من الفعاليات الأخرى مثل مشاركة فرقة حلم للموسيقى والغناء الصوفي ومجموعة من الفنانين والشخصيات العامة، كما سيقام معرض للكتاب وللعروض التشكيلية. 

اختيار نصب "إنقاذ الحضارة" يعود إلى رسالته الفريدة والمؤثرة، فالعراقيون الذين شيدوا الحضارة الأولى هم ذاتهم المبدعون اليوم والذين قدموا التضحيات الجسيمة في سبيل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأبرز مثال على صمود الذات العراقية المدافعة عن (الحياة والحرية والكرامة) مواجهتهم البطولية والأسطورية للإرهاب وتحقيق النصر التاريخي على هذه التنظيمات الإجرامية.  

ولدى حملة "نضويها" خطة عمل مع شبكة Iraqi Dreams Media غاية في التعريف بالتراث الثقافي العراقي المادي وغير المادي وتسليط الضوء عليه، حيث تستعد هذه الشبكة لرفع سقف التنافس في قطاع الصحافة التجارية والاقتصادية وذلك عن طريق برامج فنية وثقافية تعنى بالأسرة العراقية والشباب والمجتمع.  

وشبكة Iraqi Dreams Media التي ستكون متاحة للأسر العراقية لتقدم خدماتها الإعلامية ابتداء من مساء يوم 22 /2 /2022، مشروع إعلامي بريطاني عراقي ناطق باللغات العربية والإنكليزية والكردية وبقية اللغات الغنية في بلاد ما بين النهرين مثل السريانية والتركمانية والآرامية، تتطلع لتكون مساحة موثوقة للتعرف على الفولكلور والتقاليد والعادات والطقوس والمعتقدات والثقافات العراقية العتيقة المتنوعة، هذه الأهداف هي في الحقيقة من جمعت فريق عمل IDM وهي ذاتها من شجعت جميع الأطراف المشاركة والمساهمة في إنجاح هذا المشروع الهادف. 

يعتقد أن السوق العراقية واعدة والقوة الشرائية كفوءة، لكن طرق تبادل المنافع بين السوق والمستهلكين لا تزال شبه بدائية مع غياب واضح لمعايير الجودة والرقابة المؤسسية الكفيلة بتحسين الإنتاج وتقليل النفقات، لذلك قرر منظمو حملة "نضويها" كسر هذه الرتابة ومحاولة العمل على تشكيل غرفة عمليات تضم مصممين وصحفيين ومصارف وشركات إنتاج وتسويق وإدارة واتصالات وفرقا شبابية تطوعية أهمها "شباب هاوس".  

الشروع في العمل كان بعد إعداد خططه المناسبة كان بحاجة أولاً إلى الاتصال بالجهات الرسمية لغرض استحصال الموافقات كافة، وهو ما حدث بالفعل، والآن يوجد فريق متنوع ومتعدد الخدمات يعمل قرابة 14 ساعة متواصلة وبشكل يومي لغرض خدمة الأسر البغدادية

الكريمة.  

ويصنف مطلقو حملة "نضويها" أنفسهم بأنهم يقعون من ضمن شركات هادفة للربح، وتنفذ هذا النوع من الفعاليات بتقنيات عالية لغرض تطوير سوق العمل العراقية، حيث يقع على عاتق الجهات المشاركة والداعمة جزءا من النفقات المالية أما البقية فيساهم في توفيرها عدد غير قليل من المتطوعين والداعمين لمثل هذه الفعاليات.  

كان الاهتمام بالنتائج الإيجابية هو من أهم خطط عمل فريق الحملة الذي لا يخلو من التحديات والمصاعب، كما يظن أحد المشاركين فيها، إلاّ أنهم لم يواجهوا الكثير منها وحاولوا تجاوزها باستثناء "الوقت" الذي دوماً ما يكونوا في صراع حقيقي معه.  

المحطة القادمة في عمل فريق الحملة ستكون في جيكور البصرة للاحتفاء بالشاعر بدر شاكر السياب وثم إلى نينوى للاحتفال بالملا عثمان الموصلي وهكذا فالفعاليات كثيرة التي يسعى الشباب إلى إنجازها وخاصة في باديات الأنبار والمثنى وذي قار والنجف وكربلاء للتعرف على بدو العراق وكذلك ستكون لديهم فعاليات في دهوك والسليمانية وتكريت والنعمانية وقضاء الطيب في محافظة ميسان وقضاء القرنة في البصرة، وفي كل القرى والقصبات والمدن التي سيبدي فيها الشباب رغبتهم في الانضمام والتطوع بعمل الفريق. 

تعد تجربة فريق الحملة ناجحة واعدة لأنهم نالوا الدعم والتعاون من الجميع، خاصة عندما يتواصل البعض من شباب الفريق مع جهة معينة، وإذا بهم يتفاجؤون بوجود متطوعين من داخل أسرة هذه المؤسسة أو تلك الجهة يحاولون تقديم خدمات تطوعية خارج بنود التعاقد أو الاتفاق معهم محبة ببغداد ومعالمها وحرصاً على توفير مساحات ترفيهية نظيفة تشجع الأسر على التمتع بأوقات جميلة في ليل بغداد الساحر، كما يضيف أحد المتطوعين فيها "من الرائع تقوية الشراكة بين القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني مع مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية بروح التعاون والوئام من أجل عراق أجمل ومستقبل يليق بنا".