«الأسواق المركزية» تشكو الإهمال والتغييب الحكومي

العراق 2022/02/23
...

 بغداد: هدى العزاوي
 
يتذكر العراقيون بنوع من الحسرة والحزن ما كانت تقدمه قبل عقود "الأسواق المركزية" من سلع ومواد بمناشئ عالية الجودة مدعومة سعرياً، وتشكو أبنية هذه الأسواق التي كانت في يوم ما تنبض بالحياة، الإهمال والتغييب الحكومي حتى باتت أثراً بعد عين، وبين خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي أن الجهات الحكومية ليست لديها نية لإعادة الحياة إلى الأسواق المركزية.
وبحسب ما ورد من معلومات لـ"الصباح" وأكدتها تصريحات متلفزة لمدير عام الأسواق المركزية فأن "عملية دعم الاسواق المركزية قبل 2003 كانت تتم من قبل الحكومة، واليوم لا تخصص الحكومة إلا الرواتب الاسمية للموظفين".
ويحول انتشار الفساد التجاري وتدمير الصناعة العراقية دون إعادة الروح والحياة في 18 سوقاً مركزية موزعة بين عموم محافظات العراق، وقال أحد مدراء وزارة التجارة السابقين، والذي رفض الإشارة إلى اسمه: إنه "سابقاً كانت الأسواق المركزية معفاة من الجمارك والضرائب، أما الآن فتعامل معاملة القطاع الخاص بسبب انتشار الفساد التجاري"، ويشير إلى أن "مساحات بعض تلك الأسواق تبلغ ثمانية دونمات، وقد تصل إلى 16 دونماً في بعض المناطق، وتشغل مواقع ستراتيجية يمكن من خلالها دعم المنتج المحلي".
وأضاف، أن "ثمانية من تلك الأسواق تتواجد في محافظة بغداد فقط، وفي كل محافظة هناك سوق مركزية واحدة –ما عدا البصرة التي يتواجد فيها اثنان من الأسواق- وعلى الرغم من تعاقب الحكومات لم تجر بصورة جادة عملية تأهيل أو إعمار الأسواق لإعادتها 
إلى العمل".
وبين أنه "تم إعطاء (سوق الثلاثاء) و(سوق المنصور) كمرحلة أولى لإعادة التأهيل بعد عام 2003 وتمت إعادة تأهيل سوق المنصور بنحو 50 % إلا أن المشروع تلكأ لأن المستثمر لا يملك المبلغ المقرر للاستثمار نتيجة عدم تدقيقه من الجهات المعنية، وقد هرب المستثمر من دون استكماله لتأهيل السوقين نتيجة اكتشاف التزوير في أوراقه، ومن ثم أحيل المشروع إلى شركة إماراتية لاستكماله ولكن بسبب سوء التخطيط تم بناء (مول) بالقرب منه"، وبحسب المصدر فإن "هذا البناء كان مقصوداً لإفشال عملية إعادة تلك الأبنية إلى الحياة".
من جانبه، أوضح الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل جبار العلي في حديثه لـ"الصباح": أن "الأسواق المركزية تتبع سياسة النظام الاشتراكي وكانت الدولة قبل 2003 تجهز هذه الأسواق بالسلع والبضائع وبيعها بأسعار مدعومة، أما اليوم فالنظام السياسي مغاير ولا توجد أية نية من الحكومة لإعادة العمل بالأسواق المركزية، كما أن مشكلات المواد المحلية قد تكون أكبر من تسويقها عبر هذه الأسواق المدعومة، كما أن الدولة غير متوجهه إلى إعادة إحيائها ورسم سياسة موازية لقضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين عبر البطاقة التموينية، بأن تتكفل الدولة بهذا الدعم والفروق، إلا أن هذه الوسيلة يصعب أن تنجح في ظل النظام الوظيفي المترهل والمتكاسل وغير المنتج من وجهة نظر الأسواق المركزية".
وأضاف، "كما أن هذه الأسواق تمثل عقارات مهمة يمكن أن تحول أو تؤجر من ضمن أملاك الدولة وتغير نوع استملاكها وتحول لمراكز لخلق فرص عمل بدل إعطائها لمستثمرين لإعادتها بأسعار باهضة، ويمكن لكل سوق منها أن تخلق فرص عمل تتجاوز الـ100 محل تجاري، بالإضافة إلى الخدمات وغيرها، ويمكن أن تنشِّط هذه الأسواق المركزية القطاع الخاص إذا ما تم الالتفات لها، خاصة أن هناك فساداً في العملية بأكملها خصوصاً مع بناء مولات بالقرب منها نفت الحاجة لها ظاهرياً، علماً أنها مهمة جداً لتحريك عجلة الاقتصاد"ز
للتأكد من حقيقة المعلومات التي وردت لـ"الصباح"، تواصلنا مع وزارة التجارة لإبداء الرأي الصريح في هذا الملف، إلا أننا لم نتلق أي إجابة بهذا الشأن.
تحرير: محمد الأنصاري