حملاتٌ شبابيَّةٌ وتطوعيَّة لتنظيف ضفتي الفرات

ريبورتاج 2022/03/01
...

 أحمد الفرطوسي
الماء أساس الحياة، من دونه لا يمكن أن تستمر بأي شكل من الأشكال وهو ليس فقط للإنسان، بل أن كل الكائنات الحية التي خلقها الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن تعيش او تستمر من دونه. إذ قال تعالى (وخلقنا من الماء كل شيء حي).حيث نظمت مجاميع شبابية في المثنى، بمشاركة متطوعين من خارج المحافظة، حملة لتنظيف ضفتي نهر الفرات في مدنية السماوة من الأوساخ وبقايا النباتات، ودعوا إلى زيادة الجهد المجتمعي للحفاظ على النهر من الملوثات بمختلف أنواعها.
أهداف
وتهدف الحملة التي استمرت بشكل إسبوعي إلى تنظيف ضفة النهر وإرسال رسالة للمجتمع والجهات الحكومية بضرورة الحفاظ على النهر، فضلا عن إظهار الجانب الجمالي في منطقة الكورنيش التي تشهد توافدا مكثفا من قبل المواطنين.
في محافظة المثنى يمر  نهر الفرات، في أغلب مدنها، نهرٌ أزليٌ تعانق مع تاريخ المدينة، وشكل هويتها منذ  أقدم العصور وألهم الأدباء والكتاب والشعراء، حتى كان مادة أساسية في نتاجهم الإبداعي، لكن الواقع الحالي الذي يعيشه النهر يختلف تماماً عن المرجو، حيث أصبح النهر مكباً للنفايات في بعض المناطق.
 
التزامات
ويبدو أن هذا  الإهمال لا يقتصر على السماوة فقط، بل أصبح يمثل مشكلة تواجه البلد خصوصاً بعد انخفاض مناسيب المياه بسبب التغيرات المناخية وضخامة السدود المقامة من قبل دول المنبع، بحيث أصبح الأمن المائي الوطني في خطر، خاصة بعد عمليات المماطلة والتسويف من قبل الجانب التركي في عدم الإيفاء بالالتزامات القانونية التي  تخص الأنهار الدولية، مما دفع الحكومة العراقية إلى الاهتمام بما هو موجود فعلياً من المياه والحفاظ عليها قدر المستطاع من الملوثات. وعلى هذا الأساس شكل رئيس الوزراء لجنة من الدوائر ذات العلاقة لمتابعة نظافة الأنهار  من  النفايات والمياه الثقيلة.
مدير بيئة المثنى يوسف سوادي، قال لـ(الصباح) «إن نهر السماوة، هذه النعمة الكبيرة التي وهبها الله جل وعلا لنا، يعاني من إهمال كبير من مؤسسات الدولة ذات العلاقة والتي ينبغي عليها أن تراقب ما يجري بشكل مستمر، من خلال الفرق الجوالة التي يجب أن  تمنع رمي أي مخلفات من أي نوع في الأنهار»، مضيفاً «أن هذه المخلفات عند رميها في الأنهار  يكون خطرها كبيراً جداً يمتد إلى عشرات السنين، خاصة بعد تحليلها كيميائياً وتأثيرها في مكونات الماء، ومن ثم يكون تأثيرها في الإنسان والحيوان والنبات».
وتابع «كما تشكل سبباً للكثير من الأمراض السرطانية والأمراض المعوية والأمراض الانتقالية، وهي بلا شك تدخل جانبياً في بعض الصناعات الغذائية، أيضاً يكون تأثيرها في الحيوانات  كالأبقار والماعز لأنها مياه ملوثة وفيها الكثير من المواد الكيمياوية التي تدخل في تركيبة جسم الحيوان».
 
مخلفات
بينما قال أستاذ جغرافية الري والزراعة محمد ناجي: «أدعو المواطنين إلى الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية والقانونية والدينية تجاه المحافظة على مياه الانهار وعدم رمي اي مخلفات بها وخاصة المياه الثقيلة والمعادن»، مضيفاً «يؤسفني أن هذه المشكلة بدأت تتفاقم أكثر كل ما  كانت مناسيب المياه أقل، خاصة في فصل
الصيف».
وأوضح «أن تلوث المياه يكون في المدن أكثر من الأرياف بسبب رمي  النفايات، وأنا شخصياً عندما أتجول في الكثير من المناطق، أجد أن لون الماء الجاري لنهر الفرات يختلف من مكان إلى آخر»، مبينا «أن مياه النهر قبل دخولها المدن يكون الماء فيها نقياً، أما بعد المدن يكون الماء ملوثاً، ومع بالغ الأسف، هذا يعود إلى كمية المياه الثقيلة التي ترمى في مجاري الأنهار حتى وصل الأمر في كثير من المناطق إلى رمي مخلفات المولدات ومحطات الغسل والتشحيم وفضلات محال (الفيترية)».
وأكد «أن البلدية لديها تقصير واضح في هذا المجال»، متسائلاً «لماذا لا يتم إنشاء مشروع مركزي يتم فيه تدوير النفايات والتخلص منها بشكل كامل؟. إلى متى يستعمل العراق الطرق البدائية في كل شيء؟. إن الكثير من دول العالم أصبحت تعمل على إعادة تدوير المياه العادمة أو الثقيلة واستعمالها للأغراض الزراعية أو الصناعية». 
 
نعمة المياه
بينما قال الناشط المدني عزيز الجياشي، لـ(الصباح): «نحن ندعم توجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في القرار، الذي أصدره والمتضمن تشكيل لجنة عليا من الدوائر ذات العلاقة لمتابعة ملف نظافة المياه من رمي المخلفات»، مضيفاً «هي خطوة في الاتجاه الصحيح رغم أنها جاءت متأخرة، لكن ستقضي الكثير من المشكلات البيئية في أنهار العراق وتحافظ على هذه النعمة العظيمة». 
وتساءل «ماذا لو كان العراق يفتقر إلى أي قطرة ما. كيف ستكون الحياة حينها؟.  يجب احترام العبارة العظيمة وهي إن الماء سر الحياة  الكثير من دول العالم تحسد العراق على نعمة المياه، ولكن يعتبر ملف المياه أكثر الملفات التي عانت الإهمال من تاريخ تأسيس الدولة العراقية حتى اليوم»، داعياً الحكومة العراقية إلى «اعتماد ستراتيجية مياه خاصة ليس في المعالجة، بل حتى في أسلوب السقي السيحي، وهو أسلوب عفا عليه
الزمن».