أحمد عبد الحسين
اللسان الرسميّ العراقيّ أدان قصف إيران لأربيل على استحياء. بينما زعماء الأحزاب "إذا استثنينا الصدر "لم تطاوعهم ألسنتهم على ذلك، طلبوا التأكّد والتثبت والتحقيق، ومعروف علمياً ومختبرياً أنّ العراقيّ إذا سمع كلمة "تحقيق" شرب وراءها قنينة ماء بارد.
العراق ضحيّة الفهم الرغائبيّ لشعبه، على الأقلّ لقسمٍ كبيرٍ من أبناء شعبه. بعضهم اندرج في التعاطف مع المشروع المعلن لإيران وملخصه "محاربة الغرب، نسخة كبرى عن حماية الدين في مقابل العالم، ونسخة مصغرة تتحدث عن حماية المذهب بإزاء الطائفة الأخرى، قوّة المعتقد مع قوّة السلاح، أي حيازة القوتين النبويّة والنووية معاً".
طيفٌ آخر منّا اندرج في حلم يقظة غربيّ "تحرر ومساواة وعلمانية بلا أطراف وتعويل ساذج على قدرة السجال العنيف مع الدين على تغيير الحال، والتعاطي مع كلمات من قبيل العلمانية والمدنية والإلحاد بوصفها نفثاً وتعازيم سحريّة تجعل التراب تبراً والعذاب عذوبة". رغائبيون نحن. لا إيران تريد محاربة العالم ولا أميركا تريد علمنة العراق. كلّ جهد إيران ينصبّ اليوم على جعلها أقوى في مفاوضاتٍ لا في حروب، وكل جهد أميركا غايته التنصّل من عقابيل جرائمها الكثيرة وسذاجة سياستها في عراق لم تفهمه جيداً. تستخدم إيران بذكاء منقطع النظير شعوباً وقبائل لتكون درعاً لها، وتستخدم أميركا قبائل أخرى للضغط على غرمائها، بينما نحن ـ الرغائبيين ـ بعضنا مشغول بالرؤى القيامية وخارطة آخر الزمان، وبعضنا الآخر يظنّ أن شتم الدين والسخرية من المتدينين لهما مفعول "افتح يا سمسم" أمام مغارة كنوز الحضارة السعيدة. أميركا وإيران بمعاونة الرغائبيين العظام من أبناء شعبنا الكريم، يسعون إلى جعل العراق دولة ميؤوس من إصلاحها، لأنه ما من دولة تُستَعمَل كأجيرة وخادمة لدى دول أخرى إلا بعد أن ييأس أهلها من أي إصلاح لها. ليس العراق فقط. أستطيع أن أسمّي دولاً كثيرة ذات تاريخ عريق قتلتْها رغائبُ شعوبها.