السليمانية: عذراء جمعة ومحمد البغدادي
تعيش محافظة السليمانية واحدة من أسوأ الأزمات المعيشية والخدمية منذ نحو سنوات، يتراكم فيها تعثر حكومة إقليم كردستان في دفع مرتبات الموظفين بالإضافة إلى مشكلات في تسوية ديون الإقليم مع الشركات النفطية الأجنبية، وأيضاً عدم اتفاق مع الحكومة الاتحادية في بغداد بشأن الكثير من القضايا العالقة، وهو ما انعكس واضحاً وجلياً على الحياة العامة في المدينة التي بدت وكأنها تعيش حالة طوارئ، كما بدا في حالة امتداد طوابير السيارات أمام محطات الوقود لمسافات طويلة.
ويتساءل سائق التكسي سيروان، الذي تحدث لـ"الصباح": "هل نحن بحالة حرب؟، لماذا كل هذا الزحام وطوابير من السيارات تقف عاجزة عن ملء خزاناتها بهدوء، كيف سنعيش فيما لو استمر الحال على ما هو عليه من دون علاج".
ولا تبشر الأوضاع بخير في مستشفى شار، أكبر مستشفى عصري في السليمانية، والذي يقع على الطريق المؤدي إلى منطقة قلاجولان جوارته، إذ تقبع في مرآب المستشفى العشرات من سيارات الإسعاف المعطلة ومولدات الكهرباء غير العاملة بسبب شح الوقود، بينما تتزايد الرفوف الخالية من الأدوية في صيدلياتها.
وقال محافظ السليمانية الدكتور هفال أبو بكر، في مؤتمر صحفي حضرته "الصباح": إن "إدارة المحافظة اتخذ إجراءات آنية للحد من أزمة الوقود التي زادت، وأصبحت ترهق المواطنين خصوصا أصحاب مركبات الأجرة".
وأشار إلى أن "الإجراءات تمثلت بتحديد سعر اللتر الواحد من البنزين العادي بمبلغ 690 ديناراً اعتباراً من اليوم الأربعاء، بعد أن وصل خلال الأيام الماضية إلى 950 ديناراً، فضلاً عن العمل بنظام الفردي والزوجي بالنسبة لأرقام المركبات لمنع طوابير الانتظار، علاوة على تحديد محطة خاصة للسيارات التي تقودها النساء".
وأضاف أبو بكر أن "الإجراءات شملت أيضا تخصيص محطة لشاحنات الحمل الكبيرة"، منوهاً بأن "أسعار الوقود المحسن والسوبر ستبقى على حالها دون تغيير والتي ارتفعت بشكل كبير، إذ وصل سعر اللتر الواحد إلى ألف و50 ديناراً".
وبين أن "هذه الخطوات جاءت للحد من أزمة الوقود التي أثرت بشكل كبير في مفاصل حيوية منها عمل المستشفيات، حيث توقفت بعض المولدات الكهربائية وسيارات الإسعاف فيها عن العمل، بينما قطع سائقو مركبات الأجرة الطرق وتظاهروا خلال الأيام الثلاثة الماضية".
واعلن رئيس نقابة الملاكات الصحية في السليمانية هوزين عثمان، عن نفاد خزين الوقود المخصص لسيارات الإسعاف والمولدات الكهربائية التي تغذي المستشفيات بالطاقة.
ويواصل سائقو مركبات الأجرة في السليمانية وإدارة گرميان لليوم الثالث على التوالي، تظاهراتهم الاحتجاجية على ارتفاع أسعار الوقود، مطالبين بأن تكون هناك محطة وقود حكومية تدعم الأسعار وتمنح البنزين وفقاً لبطاقة وقودية.
ويعلق مدير مستشفى شار، أوميد علي لـ"الصباح"، على الأوضاع بالقول: إن "المستشفى يعاني من مشكلات ليست وليدة اللحظة، حاولنا جاهدين ترتيب أمور المستشفى إلى ماقبل أسبوعين لكن الآن لم يعد لدينا شيء فقد نفد البانزين والكاز والأدوية".
وأضاف علي، "أجرينا عدة اتصالات بشخصيات في السليمانية وخاصة الاتحاد الوطني وقد استجاب لنا ورتب لنا دعماً يكفي شهراً واحداً لتسيير أمور المستشفى وعلاج المرضى والمراجعين"، مشيراً إلى أنه "بعد شهر من الآن سنكون عرضة للتوقف بشكل تام، مالم تسعفنا حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية".
ولفت إلى أن "المستشفى تلقى 100 مليون دينار لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى 80 مليون دينار أخرى من الاتحاد الوطني لشراء الكاز والبانزين لتشغيل سيارات الإسعاف والمولدات".
بدوره، قال المستشار الاقتصادي لمجلس النواب همام الشماع "الصباح": إن "الأوضاع في أربيل ليست بذات تعقيد وحجم أزمة السليمانية من حيث طوابير السائقين وشح الوقود والأسعار المرتفعة"، مبيناً أن "الوقود متوفر في أربيل وبكثرة وبأسعاره المحددة، حيث يبلغ سعر لتر البنزين السوبر 1500 دينار للتر والنورمال بسعره المحدد بـ600 ديناراً للتر بينما يباع في محطات تعبئة السليمانية بـ 1025 ديناراً للتر".
المدرس فؤاد عبد الله قال لـ"الصباح"، إن "موظفي الإقليم ومنذ سنوات يعانون جملة من المشكلات أبرزها اقتطاع جزء من رواتب الموظفين أو تاخير توزيعها من قبل حكومة الإقليم بحجة نقص السيولة المالية أو أعذار أخرى مستهلكة"، مبيناً أنه "في الكثير من الأوقات توزع الرواتب من 45 إلى 50 يوماً وأحيانا أخرى 60
يوماً".
وأضاف عبد الله، أن "إحدى الأزمات الجديدة، هي غلاء الأسعار والبنزين، حتى اصبحت هذه المسألة تؤرق كاهل المواطنين عامة من دون معرفة نهايتها كأزمات مصطنعة".