احنه الأسسنا الملعب؟

العراق 2022/03/17
...

أحمد عبد الحسين
 
العراقُ يكسر القلب. تاريخه وموقعه وثرواته وقدرات مواطنيه كلّها كافية لأنْ تجعله سيّداً مهاباً عزيزاً؛ لكنه ليس كذلك.
ليس العراق سيّداً؛ لأنه لا يملك سلطاناً على نفسه، لم يعدْ أمره بيده مذْ صار شطر واسع من أبنائه يعيشون فيه وقلوبهم تهفو إلى سواه، ومذْ صار الاعتداء عليه بالصواريخ محلّ خلاف وموضوعاً قابلاً لـ"وجهات نظر" متباينة، ومذْ حلّ الانتصار للطائفة محلّ الانتصار للوطن، ومنذ أن استهوتنا فكرة التشكيك بوطننا وبحدوده وأهميته من أجل مشروع إقليميّ عابر للأوطان لسنا فيه سوى ملعب، مجرد ساحة لصراع ثورين قويين لم يتناطحا للآن ولن يتناطحا أبداً لكنهما يفتكان بنا كلّ يومٍ وهما يستعرضان قوتهما أمام بعضهما.
نحن ملعب، مجرد ملعب لاستعراض القوّة هذا.
وبمناسبة الحديث عن الملاعب؛ قرّر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم أمس نقل مباراتنا مع الإمارات "التي كانت ستقام في ملعب المدينة ببغداد" إلى دولة أخرى، والسبب ـ كما جاء في كتاب الاتحاد ـ القصف الصاروخي الإيرانيّ للعراق.
ليس السبب مقنعاً. فصواريخ إيران ضربتْ الأراضي السعودية مراراً ـ  عن طريق اليمن ـ كما ضربت الإمارات مؤخراً من الطريق ذاته، ولم يحدّث الاتحاد الآسيويّ نفسه بحرمان الإمارات والسعودية من اللعب في أرضيهما، ثم إذا كان العدوان الإيرانيّ سبباً كافياً فالأولى معاقبة إيران لا العراق. لكن الاتحاد الآسيويّ مسيطَر عليه بمال الخليج والرضوخ للأقوى، أما العراق فهو يكسر القلب لأنه لا كبير فيه يدافع عنه.
يُراد للعراق أن يكون معزولاً مهجوراً بعيداً عن العالم، يُراد له أن يضخّ النفط ـ شرط أن تذهب أموال النفط إلى وكلاء حصريين ـ وأن يسوّي أرضه لتكون صالحة لمصارعة الثيران، لأنّ كرة القدم غير مسموح بها هنا، وغير مسموح للعراق أن يكون لاعباً.
نحن أسسنا الملعب؟ هذا صحيح لكننا جعلنا منه ملعباً للآخرين، ولن يسمحوا لنا باللعب فيه لأن اللعبة للأقوياء للسادة المهابين، والعراق ليس كذلك.
العراق يكسر القلب.