أحمد عبد الحسين
محنة بانتظار النوّاب المستقلين اليوم.
داهمتْهم الاختبارات العسيرة مبكراً، وهذا سيكون الأصعب والأقسى، ليس لأنَّ عليهم التفضيل بين خيارين حاسمين كالقبول والرفض، بل لأنّه ما من خيارات في الحقيقة لأنَّ «الحياد» يعدّ انحيازاً هو الآخر، وله عواقبه.
مستقلون لكنْ لن تؤاتيهم فرصة التعبير عن استقلالهم، إذ إنَّ من شؤون «المستقلّ» عادةً أن تكون لديه حريّة اعتزال فريقين متنافرين؛ ولا اعتزال في جلسة اليوم ولا حياد، بلْ كلُّ شيء مصممٌ لتكون مع هذا الطرف أو ذاك، صمتُك وغيابُك مثله مثل كلامك وحضورك؛ موقفٌ وله ثمنٌ.
وبالحديث عن الأثمان، خذ وجهاً آخر من وجوه محنة النوّاب وهم يقفون أمام إغراءات الأرقام الفلكية التي تتطافر في التسريبات.
أمس قيل إنَّ سعر الوعكة الصحيّة التي تلمّ بالنائب وتبعده عن حضور الجلسة بلغ أربعة ملايين دولار، وبعضهم يرفع الرقم إلى خمسة.
لا أحد يمكنه التثبّت من صحة ما يُنشر ولا أحد يسرِّب لنا إنْ كان هناك سعر للعافية التي تصيب النائب بعد أن عرفنا سعر الوعكة.
نوّاب الأحزاب التقليدية قليلو الاهتمام بمنصات التواصل، يعرفون أنهم غير قادرين على التأثير فيها، لأنَّ سخطاً عمومياً بانتظارهم هناك، ولذا فقد درّبوا أنفسهم على عدم الانشغال بها.
لكنَّ النواب الجدد هم نباتُ تراب ساحات الاحتجاج وماء الفيسبوك، ويتابعون بحرصٍ كلَّ ما يُكتب عنهم من قبل رفاقهم المتظاهرين الذين يملؤون الصفحات بعد أن ملؤوا الساحات.
خذها منّي: المدوّنون الناشطون سيجلدون هؤلاء النوّاب إنْ حضروا أو غابوا، سيحاكمونهم إنْ تحدثوا وإنْ سكتوا، لأنَّ كلَّ مخرجات جلسة اليوم ستكون لأحد الطرفين اللذين بينهما وبين الناشطين جبلٌ من نار.
لكنَّ المستقلين أعرف بما همْ فيه، وهذا الاختبار العسير سيصنعهم، وقدْ يطلقهم من أسر تأثيرات فيسبوك، ونتمنى قبل ذلك أن يطلقهم من أسر إغراء المال السحت المقدّم لهم، والمهمة الأخيرة صعبة، صعبة للغاية؛ فأنت بحاجة إلى مناعة وطنية خارقة لئلا تتوعّك أو ترتفع حرارتك أو ينخفض ضغطك أو ينفجر مصرانك الأعور فجأة أمام خمسة ملايين دولار، دولار ينطحه دولار!