بغداد: شيماء رشيد
ومهند عبد الوهاب
أخفقَ مجلس النواب أمس السبت بتحقيق النصاب (220 نائباً) لإنجاز الاستحقاق الدستوري بانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وجرى تأجيل الجلسة إلى يوم الأربعاء المقبل، لتعود الأمور إلى المربع الأول الذي ابتدأت به، في وقت أعرب فيه رئيس الجمهورية برهم صالح عن أسفه لما آلت إليه جلسة المجلس والانسداد الحاصل بين أقطاب العملية السياسية، داعياً إلى حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة.
وقال صالح في بيان: إن “انعدام التفاهمات الوطنية وعدم انعقاد جلسة مجلس النواب لاستكمال الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها المحددة هو أمر مؤسف ومثير للقلق بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إجراء الانتخابات المبكرة، حيث إن استمرار حالة الانسداد السياسي وسط التحديات الجسام التي تواجه البلد بات أمراً غير مقبول».
وأضاف، أن “مجلس النواب الجديد المُنبثق عن الانتخابات، تقع على عاتقه مسؤولية استثنائية كونه جاء بعد حراك شعبي وإجماع وطني واسع يُطالب بتصحيح المسارات وإنهاء الأزمات السياسية المُستحكمة
في البلد لا تكريسها».
وأشار إلى أن “القوى السياسية اليوم أمام اختبار وطني حاسم، وأن الظروف العصيبة التي مرّت بالبلد والظرف الدقيق الراهن تفرُض على الجميع مسؤولية تاريخية وعملاً استثنائياً في الخروج من الأزمة الراهنة بروح الوطنية والتكاتف، والشروع في تلبية الاستحقاقات الوطنية بتشكيل حكومة مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد وتُعزز سيادته واستقلاله، وتعمل على تلبية
تطلعات العراقيين».
وتابع رئيس الجمهورية: أنه “من هذا المنطلق ندعو جميع الأطراف السياسية العراقية إلى حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة بلا تهاون أو تأخير، وتغليب مصالح العراق والعراقيين والأخذ في الاعتبار الظروف الإقليمية والمُتغيرات الدولية والتحديات الداخلية الماثلة أمامنا، وخصوصاً الأوضاع الاقتصادية الخطيرة، والتي تستدعي حرصاً على تمتين الجبهة الداخلية ورص الصف الوطني في سبيل الخروج من الأزمة الراهنة وبما يلبي طموحات المواطنين الذين ينتظرون بترقب ونفاد صبر تشكيل سلطات مُعبرة عن إرادتهم وتطلعاتهم في العيش الكريم الحر».
وكان مجلس النواب أخفق أمس في تحقيق نصاب الثلثين لإمضاء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وذكر بيان للدائرة الإعلامية للمجلس أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ترأس الجلسة الرابعة للسنة التشريعية الأولى من فصله الأول
بحضور 202 نائب.
وفي مستهل الجلسة، أوضح الحلبوسي أن “فقرة انتخاب رئيس الجمهورية تحتاج إلى نصاب ثلثي عدد أعضاء المجلس بحسب ما أقرته المحكمة الاتحادية ونص عليه الدستور بهذا الشأن”، مبينا أن “عدم تحقيق النصاب المطلوب يحتم علينا الاستمرار بعقد الجلسات لحين تحقق نصاب انتخاب الرئيس».
وفي شأن آخر، أنهى المجلس القراءة الأولى لمشروع قانون (الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية)، كما صوّت على عضوية 12 نائبا في اللجنة المالية النيابية للمضي بإجراءات عدد من التشريعات، وأعلن رئيس المجلس تحديد جلسة يوم الأربعاء المقبل لانتخاب
رئيس الجمهورية.
ولم يتمكن تحالف “إنقاذ وطن” الذي يضم الكتلة الصدرية وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني من حشد العدد الكافي من النواب والبالغ (220 نائبا) لتمرير مرشحهم لرئاسة الجمهورية، حيث امتنع عن حضور الجلسة نواب الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني وتحالف عزم وعدد آخر من النواب من كتل أخرى، وعقد الممتنعون عن الحضور اجتماعاً في منزل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وجمعوا تواقيع 126 نائباً في قائمة المتغيبين عن الجلسة.
ودعا المالكي في حديث صحفي أعقب الاجتماع، إلى حوار سياسي شامل لتجاوز الأزمة السياسية، مؤكداً أن “تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية يعد انتصاراً للثلث الضامن للعملية السياسية وحقوق محافظات
الجنوب والوسط».
بدورها، قالت رئيسة كتلة الجيل الجديد سروة عبد الواحد في حديث لـ”الصباح”: “إننا ككتلة حضرنا الجلسة إيماناً منا بأن جلسات مجلس النواب يجب أن تعقد ويجب أن نلتزم بالمدد الدستورية لاختيار الرئاسات وهو واجب البرلماني”، مؤكدة أن لدى كتلتها “إرادة كاملة بغض النظر عن اختلاف الحزبين الكرديين (الديمقراطي والاتحاد الوطني) ونحن نقرر متى نحضر الجلسة ومتى لا نحضر».
إلى ذلك، أوضح الخبير القانوني حيدر الصوفي في حديث لـ”الصباح”، أن “تحويل جلسة البرلمان المخصصة لاختيار رئيس الجمهورية إلى جلسة اعتيادية لا تحتوي على أي خرق قانوني، كونها من صلاحيات هيئة الرئاسة وكون الجلسة الاعتيادية تحتاج إلى 163 نائبا والعدد أمس السبت وصل إلى 202».
وأضاف أن “الدستور لم يحدد أن تكون هناك جلسة خاصة باختيار رئيس الجمهورية وإنما الجلسة حددت بقرار من هئية الرئاسة وهذا الأمر يتغير بموجب النظام الداخلي للبرلمان ومن صلاحيات رئيس مجلس النواب».
وتابع: أن “المدة الدستورية لاختيار رئيس الجمهورية انتهت منذ فترة طويلة لأن الدستور حددها بعد 40 يوما من انعقاد الجلسة الأولى، وحتى قرار المحكمة الاتحادية بقرار الاختيار بفتح باب الترشيح لمرة واحدة ألزم البرلمان بفترة وجيزة وهذا الأمر قد خرق أيضاً”، مبيناً أن “البرلمان عليه المضي في عقد جلساته الاعتيادية والقيام بواجباته من إدراج القوانين على جدول الأعمال كما حدث السبت وقراءتها والتصويت عليها بصورة طبيعية».
تحرير: محمد الأنصاري