أزمة تشظي المكونات تعصف بأم الربيعين

العراق 2022/03/31
...

 الموصل: محمد البغدادي 
 
تسببَت أحداث احتلال “داعش” الإرهابي المريع لنينوى 2014, وما سبقه من احتلال أميركي وانتشار العصابات المسلحة والجماعات المتشددة منذ 2003، وفرض “أمراء الحرب” خرائط عزل مجتمعي وسياسي وعقائدي بل وعشائري وحزبي, تسبب كل ذلك بأزمة تشظي لمكونات أم الربيعين، فشمل العزل القسري مناطق لم تكن ضمن الخطط التخريبية للقوى المعادية لوحدة الوجود التاريخي والجغرافي كانت تركز على قلب نينوى، (بحسب مواطنين موصليين تحدثوا لـلصباح), تناهبت منها مثلاً تلكيف برطلة حاضرة المسيحيين إلى الجانب الآخر تلعفر التركمان صعوداً إلى سنجار ذات الكثافة الإيزيدية, مخطط أريد من خلاله تهديم الفكر المجتمعي الموصلي والإطاحة بمكوناته الأصلية المتعايشة منذ قرون ذات التنوع المتجانس. 
وقال النائب عن المكون الشبكي عبد الرحيم الشمري في حديث لـ”الصباح”: إن  “وصفها بـ(الفسيفساء) في نينوى باقية عند الخيرين, ولكن هناك كارثة حصلت على الإيزيدية بل جريمة من قبل (داعش)، وجميع أهالي نينوى تعاطفوا معهم، إلا أن  بعض الأحزاب استغلت هذه المظلومية بشكل غير صحيح وحاولت بث الفرقة بين مكونات الشعب, وقد حاولت هذه الأحزاب التأثير في باقي المكونات لبث الفرقة ولكنها لم تنجح».
وكشف الشمري عن أن “المسيحيين والشبك لم تؤثر فيهم الأحزاب”, لافتاً إلى أن “ضعف الدولة خلق أمراء حروب استطاعوا اختراق نينوى”, مشيراً إلى أن  “ساحة المكونات فارغة بدون دفاعات سياسية حتى سنة 2017”، مقراً بوجود التدخل الدولي, وأضاف “ولكن هناك حزباً (لم يسمه), بحد ذاته هو من كان يتحكم بمكونات نينوى ومناطقها 
على حد سواء». 
بدوره، رأى رئيس جامعة الموصل والأكاديمي أبو سعيد الديوجي في حديثه لـ”الصباح” أن “الخطط السياسية تجاه نينوى بعد 2003 بدت ممنهجة ومقصودة، الهدف منها إضعاف المكونات في نينوى وفلترة وجودها بما يتعاطى تالياً وتوجهات تلك القوى السياسية وجعلها باللون المتماهي مع رؤيتها ومشروعها القومي بالاعتماد على التقسيم الجغرافي والولائي من أجل ضمان التصويت لها في الانتخابات المستقبلية وجعل تلك التقسيمات عمقاً ستراتيجياً مضموناً لها».
وحمل الديوجي باللائمة على وزارة التعليم العالي “مساعدتها في وقت ما التدريسيين بالذهاب إلى جامعات أخرى تاركة قرابة الـ 5000 آلاف طالب وطالبة تحت رحمة الوافدين ممن لم تكن لهم خبرة في مجال التدريس إلا لكونهم من الحزب الفلاني والتوجه التنظيمي العلاني, والأمر من ذلك تركت جامعة الموصل بلا تخصصات طبية وكوادر مهمة، خاصة وأن الموصل تضم قرابة 60 ألف طالب من الشرائح المتقدمة والشهادات”, وقال: إن  “ذلك جزء من تدمير حال المكونات”, معرباً عن أسفه “لدخول الصراعات القومية والإسلاموية السلفية المتشددة في وقت ما إلى الجامعات في نينوى التي مازالت تؤثر في جسد التركيبة المكوناتية”، بحسب تعبيره.
أما الناشط المدني بشير الحمداني فبين في حديثه لـ “الصباح”، أن  “الشرخ الاجتماعي مازال حاضراً رغم مرور 5 سنوات على تحرير الموصل، فالمكونات الدينية ورغم عودتها للموصل لاتزال تعاني من حالة عدم الثقة”، وأوضح أن  “الكثير من الشباب حتى الآن مايزالون مهاجرين في الدول الأخرى، والكثير من العوائل لم تعد لمركز مدينة الموصل، لذلك على الحكومة القيام بحملة كبيرة لإرساء أسس التعايش مجدداً».