مخلّفات الحقول النفطية.. دخان ملوث وأمراض سرطانية

العراق 2022/04/04
...

 بغداد: نافع الناجي
 
منذ عقودٍ عديدة، تسكن الحاجة فاطمة بجوار أحد الحقول النفطية في جنوب البلاد، وقد اكتشفت منذ نحو ثمانية أعوام إصابتها وابنتها بمرض السرطان، بعد أن فقدت ابن أخيها أيضاً بذات المرض خلال العام المنصرم. 
منذ سنواتٍ عديدة تنفث هذه المشاعل بنيرانها المحترقة ودخانها الملوّث بالسخام، ملايين الأطنان من السموم إلى الهواء والتربة والمياه والشجر. في ناحية النشوة المجاورة لحقل (مجنون) النفطي تواصل هذه المشاعل والـ (بوجات) احتراقها، دون توقف. 
تقول فاطمة: "أنا مصابة بمرض السرطان وهناك أورام سرطانية أخرى بسائر جسدي"، وأضافت "أصاب المرض الخبيث ابنتي أيضاً، كما غيّب الموت ابن أخي الذي فقدناه بالسرطان وأصابنا الجنون بسبب هذا المجنون"، مشيرة بيدها إلى الحقل النفطي المجاور لمنزلها ويحمل ذات الاسم.
أهالي المناطق المجاورة لحقلي مجنون ونهران عمر النفطيين في البصرة، طالبوا الحكومة الاتحادية بمعالجاتٍ جدّية وحلول سريعة بسبب الارتفاع المخيف بنسب الإصابة بمرض السرطان وأمراض تنفسية كالربو في المنطقة ولاسيما بين الأطفال وكبار السن. 
وعلى خلفية الشكاوى التي قدمها الأهالي لرئاسة الوزراء، شكّلت وزارة البيئة بالتعاون مع جامعة البصرة لجنة (تقصي حقائق) لمعرفة أسباب انتشار الإصابات بمرض السرطان.
عضو لجنة تقصي الحقائق الوزارية بشأن تلك الإصابات، ظافرة مهجّر كشفت لـ (الصباح)، عن أن "الشكوى كانت مقدمة من قبل أهالي ووجهاء ومختاري المنطقة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتم على إثرها الإيعاز لوزير البيئة بالتحقيق بالموضوع واتخاذ ما يلزم"، وأضافت "شكّلت لجان لزيارة المنطقة وإجراء مسح ميداني وإجراء الفحوصات الضرورية للوقوف على حجم المشكلة". من جهتها أرجعت مديرية البيئة في البصرة سبب ارتفاع الإصابات بالأمراض السرطانية في ناحية النشوة إلى إحاطتها من جانبيها الشرقي والغربي بحقلي نهران عمر ومجنون النفطيين. 
مدير الدائرة وليد الموسوي، قال لـ (الصباح): "لدينا إحصائية بأكثر من ثلاثمئة وخمسين شخصاً مصاباً بالأمراض السرطانية، وللأسف فإن هذه الأعداد تتزايد"، وأضاف: "النشاط الصناعي الأكبر الموجود هنا هو حقل مجنون النفطي و(فلايراته) أو شعلاته النارية التي تطلق هذه الكميات الهائلة من المواد الهايدروكربونية، وهي للأسف غير مسيطر عليها وخارجة عن المحددات البيئية المعتمدة". 
قسم أمراض الدم في جامعة البصرة أكد بدوره، أن نسب الإصابة بالسرطان هي الأكثر شيوعاً لدى الأطفال في ناحية النشوة، بينما طالت أمراض سرطان الثدي والرئة كبار السن من أهالي الناحية. 
وبرغم أن النفط يعد مصدراً للثروات والدخل الرئيسي لموازنات البلاد السنوية، لكنه بذات الوقت بات مسببا رئيسا للأمراض السرطانية في محافظة البصرة ومحافظات أخرى منتجة ومصدّرة لهذا المنتج، حيث تجاوز عدد المصابين حاجز الأربعة آلاف حالة بحسب وزارة الصحة، في ظل شيوع الفقر والبطالة ومصاعب الحصول على العلاجات الخاصة بأمراض السرطان بسبب غلاء أسعارها وغياب الدعم للمرضى من قبل الجهات المختصة.