بغداد: فرح الخفاف
شكا مواطنون من الارتفاع الجنوني لأسعار بيع العقارات وتشييدها في بغداد، مؤكدين عدم قدرتهم على اقتناء حتى قطعة أرض بسبب قيمتها التي لا تصدق. ويعرض أحد مكاتب بيع العقارات في بغداد، قطعة أرض بمنطقة الحارثية بسعر عشرة آلاف دولار للمتر الواحد بحجة أنها تصلح أن تكون تجارية، ومكتب آخر يعرض سعر المتر بسبعة آلاف دولار في منطقة المنصور، بينما وصلت الأسعار في المناطق التي تعد سكنية بحتة ما بين ألفي دولار إلى 5 آلاف دولار حسب موقع المنطقة او قطعة الأرض.
الارتفاع الجنوني للأسعار جاء في وقت بقي دخل الفرد العراقي مستقراً نوعاً ما، فلا زيادة في الرواتب تواكب هذه الأسعار ولا تحرك سوق العمل بالشكل المطلوب، بينما يتوقع أن تشهد أسعار البناء ارتفاعاً جديداً وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاعات أخرى قد يبقى المواطن عاجزاً امامها في تحقيق حلمه، وهو السكن في منزل يليق به
وبأسرته.
وأطلقت الحكومة والجهات المعنية في الدولة عدة مبادرات منها "تمكين" و "داري" وإطلاق القروض السكنية وغيرها، إلا أن هذه المبادرات لم تستطع مواكبة هذا الارتفاع في الأسعار، بل إن عدة مستثمرين قاموا برفع أسعار الوحدات السكنية في المجمعات بعد شمولها بمبادرة البنك المركزي، ما وضع العديد من المستفيدين في مواقف حرجة، بحسب ما قاله المختص في المجال العقاري سعد زيدان.
سوق العقارات
وقال زيدان لـ "الصباح": إن "عدم حدوث عمليات توسع للمدن، خاصة العاصمة بغداد، وقلة عدد المجمعات السكنية مع ارتفاع أسعارها، إضافة إلى الأسعار الخيالية لمواد البناء، كلها عوامل أدت الى هذا الارتفاع الجنوني في سوق العقارات".
يشار إلى ان المركز العراقي الاقتصادي السياسي، قد أكد أن "العام 2021 شهد ارتفاعاً كبيراً ومهولاً بأسعار العقارات لبعض المناطق السكنية والتجارية في العاصمة بغداد، قد يتجاوز أسعار مثيلاتها في دبي ولندن وقد وصل سعر المتر الواحد التجاري في بعض الاحيان إلى 10 آلاف دولار".
ورأى زيدان أن "الحل في تحريك وتوسيع المبادرات الحكومية، فمبادرة (داري) يجب ان تنفذ على أرض الواقع، وأن يتم تمويلها من قبل البنك المركزي والمصارف الحكومية، مع السعي لتخفيض أسعار مواد البناء، وخفض سعر صرف الدولار امام الدينار، فضلاً عن تشييد مدن سكنية واستثمار المناطق المحيطة بالمدن، خاصة في العاصمة".
ثلاثة ملايين
وأعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مطلع العام الحالي، تخصيص أكثر من نصف مليون قطعة أرض في عموم المحافظات، قدم لها بحدود ثلاثة ملايين مواطن، موضحاً انه تم تسليم بحدود (85) ألف سند أولي للمواطنين، وبعدها تم تسجيل (101) ألف
سند أولي للمواطنين.
ويؤكد المتحدث الرسمي باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد في تصريح سابق لـ "الصباح": إن "مجلس الوزراء اصدر قرارات عديدة لدعم المبادرات الخاصة للإسكان، منها زيادة مبلغ قرض الاسكان المخصص من البنك المركزي، اضافة الى مبادرة "داري"، لتوفير السكن المناسب، كما أطلق مبالغ مالية ضخمة للافادة منها من قبل المواطنين لبناء الدور السكنية عن صندوق الإسكان"، مبيناً "صدور توجيهات من رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وقرار مجلس الوزراء باستحداث المدن الجديدة خارج التصميم الاساسي لغرض توزيعها بين المواطنين، فضلا عن تكليف وزارة الاعمار والاسكان والاشغال والبلديات العامة بالتعاقد مع شركات خاصة، لاستثمار هذه قطع الاراضي لادامة البنى التحتية مقابل بعض التسهيلات التي ستقدمها الدولة للمستثمرين".
وبالرغم من إطلاق هذه المبادرات، الا أن المواطنين لم يشعروا فعلياً بحدوث أي انفراجة في سوق العقارات، اذ تؤكد نور محمد (موظفة)، أنها "صدمت بارتفاع أسعار العقارات".
بيت صغير
وأضافت: "حصلت على أحد القروض وقمت ببيع مصوغاتي الذهبية وسيارة زوجي من أجل شراء قطعة أرض أو بيت صغير أو وحدة سكنية في أحد المجمعات، إلا أن الأسعار شهدت ارتفاعاً جنونياً، الأمر الذي جعلنا أمامها عاجزين عن اقتناء أي منها".
ويتفق علي صبحي (موظف) مع ما قالته نور، مشيراً إلى أن "أسعار المجمعات الاستثمارية خيالية وغير واقعية، رغم أن مواد البناء عادية جداً".
وقال: "من غير المعقول أن تباع أقل وحدة سكنية في أحد المجمعات ببغداد بسعر 300 مليون دينار، وتصل الى نصف مليار، في حين لا يتجاوز راتبي في أفضل الاحيان المليون ونصف المليون دينار، أي احتاج إلى 20 عاماً لشراء أصغر وحدة سكنية مساحة من دون ان أصرف ولا دينار لأمور المعيشة أو الأولاد".
4 ملايين وحدة
وأكدت رئيس هيئة الاستثمار سها النجار الأسبوع الحالي، الحاجة إلى نحو 4 ملايين وحدة سكنية لحل أزمة السكن في العراق.
في غضون ذلك، كشفت وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، عن حجم الأموال المصروفة من صندوق الإسكان العراقي كقروض لبناء وحدات سكنية لهم في عموم المحافظات.
وقالت الوزارة في بيان لها: إنَّ "حجم المبالغ المصروفة بلغ نحو 348.5 مليار دينار خلال الربع الأول من العام الجاري"، مبينة أن "عدد المعاملات الالكترونية المقبولة في الأشهر الثلاثة الماضية لعموم المحافظات بلغ (11753) معاملة، وعدد المعاملات المكشوفة للفترة نفسها بلغ (15524) معاملة".
ولفت إلى أن "عدد المعاملات الإلكترونية المقبولة لشهر آذار الماضي بلغ (4369) معاملة، بينما بلغ عدد المعاملات الإلكترونية المكشوفة (6015) معاملة، ومجموع المبالغ المصروفة للشهر نفسه بلغ نحو 124.9 مليار دينار".