زيد الحلي
وجدتُ نفسي مضطراً لإعادة طرح قضية "الصحافة الورقية العراقية" في ظرفها الراهن، بعد أن لاحظت أن أبناءها، انقلبوا عليها، إذ سحبتهم موجات "التجديد" الالكتروني، ووصفوا مطالبتي بدعم الدولة
لها، بأنها خطوة في (الاستعمار) الحكومي لها، وجعلها تابعة، بدلاً من أن تكون كاشفة لحالات المجتمع
وظروفه.
زميلاتي، زملائي.. كان جوهر كلمة الأسبوع المنصرم، هو أن تتوجه الدولة من خلال دوائرها المختصة، إلى فتح باب كان مشرعاً في توصيل الثقافة إلى جميع أنحاء العراق، من خلال دائرة تسمى (الدار الوطنية للتوزيع) مهمتها اليومية ايصال الكتب والصحف والمجلات إلى المحافظات في أسطول من السيارات يبدأ انطلاقها حسب موقع كل محافظة، فالبعيدة مثل الموصل والبصرة وما حولهما، يبدأ الانطلاق إليها في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، ومحافظات الفرات الأوسط، والرمادي وديالى الخ عند الساعة الرابعة صباحاً، أما في بغداد (الكرخ والرصافة) فيبدأ التوزيع إلى المكتبات والأكشاك منذ الساعة السابعة صباحاً، كان كل العراق يقرأ الصحف، وبضمنها مجلة (ألف باء) في يوم صدورها، وفي وقت واحد، وكان من مهام هذه الدار التي قضي عليها، وطالبت بإحيائها ايصال المطبوعات إلى مقار الوزارات والدوائر التابعة لها، لتكون عند مكاتب الإعلام والعلاقات العامة، للاطلاع على شكاوى المواطنين
ومطالبهم..
بربكم: هل هذا مطلب عسير التنفيذ؟ وهل توفير أكشاك جميلة في الساحات وعند منعطفات الشوارع، وأمام الجامعات والكليات حالة غير حضارية، أم هو واجب ثقافي ومعرفي؟ ولنا في دول العالم أسوة..أليس كذلك؟
باختصار أقول: لن تقوم قائمة للصحف الورقية والمجلات، ولا للكتاب، إذا لم تتوجه الأمور إلى فهم آلية (التوزيع)، فالتوزيع مهمة وطنية، وواجب حكومي عظيم الشأن، فالصحف الورقية ليست للأخبار فقط، كما يروج البعض، بل هي غذاء معرفي ووسيلة توثيق لا غنى عنها، فهل أدركنا هذه الحقيقة، أم سحبنا (الواتساب، والفيس بوك، وتويتر، و..) إلى عالمهم الافتراضي الذي يصيب مرة، ويخطئ مئات المرات، فهو صنو الهواء، وبذاره لا يرى، عكس الصحافة، فهي وتد ظاهر للعيان، غير هياب للادعاءات
والشائعات.