أبناء «صاحبة الجلالة» يشكون تقييد الحريات

العراق 2022/04/14
...

 بغداد: حيدر الجابر
 
يواجه الصحفيون مصاعب أخرى، غير مصاعب ومشكلات مهنة المتاعب، فمع قلة فرص العمل وصعوبة الحصول على المعلومة، والاتهام الجاهز بالانتماء السياسي، يخشى الصحفي أن يتجاوز الحدَّ الذي يُغضب السلطات، ما يؤدي إلى اتهامه بالمساس بالأمن العام، ودخوله في دوامة السين والجيم.
الخوف من تجاوز الحدود والوقوع في مطب السياقات الأمنية، هو صداع دائم لدى الصحفيين، وهو ما دعا الكاتب والصحفي علي عبد الزهرة إلى الإسراع في تشريع قانون (الحصول على المعلومة)، منتقداً مجانبة بعض الصحفيين للحق لأسباب سياسية، مؤكداً “عدم وجود خطوط بين الصحافة والأمن».
وقال عبد الزهرة الذي يشغل منصب رئيس تحرير وكالة أسرار الإخبارية (سنا) لـ”الصباح”: “لا توجد حدود بين السلطتين الأمنية والصحافية أو الإعلامية، فهما سلطتان منفصلتان، لكن العلاقة بينهما ينظمها قانون”، وأضاف أنَّ “هذا القانون يعتمد على مبدأين: الأول هو حق النشر وحرية التعبير، أما الثاني فهو عدم الإخلال بالأمن العام أو التسقيط».
وتابع، “هنا يكون الفاصل بين ما ينشر وما لا ينشر، أو ما يذاع أو ما لا يذاع، هو الذي يحدد إذا ما كان تسقيطاً أم كشفاً للفساد”، مؤكداً أنَّ “المعيار هو الأدلة والوثائق التي تثبت ما ينشر ويذاع».
ولفت إلى بروز حالة في الآونة الاخيرة وهي “تحول بعض الصحفيين إلى أسلوب لا يمت لمهمتهم بصلة، ألا وهو تبني موقف ضد جهة ما، بينما المهمة التي تقع على عاتقهم هي نقل المعلومات إلى الجمهور وليس تبنيها من دون تقديم دليل”، وشدد على أنَّ “الدليل هو المفصل الأهم، والطريق الأصعب في هذه المعادلة، إذ إنَّ المعلومات المهمة تحتاج إلى إثبات بالدليل أولاً، لذا نجد أنفسنا مضطرين للانتظار والبحث والتقصي أكثر لحين تحقيق الدليل والتحقق منه، ومن ثم نشره».
وذكر أنَّ “بعض الملفات خاصة المرتبطة بالأمن، قد يتسبب إعلانها بخلق إرباك أمني، وبالتالي هناك مواد قانونية تضع الصحفي/ الإعلامي أمام المساءلة القضائية”، ودعا عبد الزهرة إلى الإسراع في تشريع قانون (حق الوصول إلى المعلومة)، الذي يعطي الحصانة في مثل هذه المواقف.
ومع ازدياد المخاوف من تدخل السلطات الأمنية في عمل الصحفيين، وتأثيرها بهم، شهدت بعض مدن البلاد اعتقالات بسبب حرية التعبير، بتهمة التجاوز على الرموز السياسية.
وحذر الكاتب والصحفي سلام الزبيدي من وجود خطر على حرية التعبير، معتبراً إياها “مخالفة لمواد الدستور العراقي الذي يضمن الحريات”، منتقداً بعض الإجراءات، التي وصفها، بـ”الدكتاتورية” في بلد ديمقراطي.
وقال الزبيدي وهو مدير تحرير جريدة “المراقب العراقي” لـ”الصباح”: إنَّ “حرية الكلمة تمر بمنعطف خطر، حيث تقود قائلها أو كاتبها بشكل مباشر إلى الاعتقال والمحاكمة والسجن، إذا كنت صحفياً غير معروف وتم اعتقالك بظروف غامضة”، واستشهد بأنَّ هذه الحالات جرت في إقليم كردستان وصلاح الدين والأنبار وبغداد وكذلك في المحافظات الجنوبية، من حالات عدة تم فيها تغييب العديد من الصحفيين في السجون، ولم يطلق سراحهم إلا بعد أسابيع ولربما شهور، فضلاً عمن تتم تصفيتهم أو تهديدهم بالقتل.
وأعرب الزبيدي عن أسفه الشديد لمعاملة الصحفي الذي يخاطر بالكتابة عن ملفات الفساد، أو النشر حولها بأنه يعامل معاملة “الإرهابي”، وتابع: “لا يكتفي المشتكي برفع دعوى قضائية ضد الصحفي، وإنما يحرك قوة أمنية ويجري اعتقاله بشكل بوليسي، ولا سيما إذا كانت الشخصية المنتقدة رفيعة المستوى».
وأكد أنَّ هذه الممارسات “تخالف الدستور الذي نص على حرية التعبير باعتباره حقاً من حقوق الإنسان، كما أنها تنافي القوانين العالمية التي جعلت عقوبة السجن من الأمور غير المناسبة بحق الصحافة والصحفيين».
واعتبر أنَّ “أسلوب لجم الأفواه لا يليق بنظام ديمقراطي، تصان فيه الحريات، وإنما هي سمة من سمات الأنظمة الشمولية والدكتاتورية التي تكبل الكلمة بقيود العبودية، وتجعل من تحريرها جرماً لا يغتفر».