ألقاب.. دونما حساب

الرياضة 2022/04/18
...

علي رياح  
كتّاب الرياضة في العالم كله مصابون بولع إطلاق الألقاب.. بحساب ومن دون حساب.. بموضوعية شديدة أو بأفراط عجيب، حتى يبدو لنا وكأن الإعلام الرياضي لم يدّخر لقباً أو صفة أو نعتاً إلا وأطلقه على نجم مبدع أو لاعب ممسوخ!  
إنه التخصص الذي يريد كل كاتب في هذه المعمورة أن يمارسه ولو بدون علم أو وعي أو دراية.. ففي انكلترا وحدها، أطلقت الصحافة (24) لقباً جديداً ومبتكراً على لاعبي الدوري الإنكليزي في الموسم الماضي وحده، أضيفت إلى حصاد الألقاب الموروث على مدى عشرات السنين!    
لكن الثابت هنا، وفقاً لما تقوله دراسة نشرتها صحيفة (صن) الشعبية الإنكليزية، أن الصحافة بدأت في المواسم الماضية، تتريث في إطلاق الألقاب وأنها باتت أكثر تهذيباً في التعامل مع مردود النجوم.  
غير أن ما يعاب في ظاهرة الألقاب الكروية، أن فيها كثيراً من الانطباعية والكيفية التي تضيع فيها الخطوط الفاصلة بين النقد الموضوعي وعاطفة المشجع والتي تنهمر في لحظة حزن طاغ أو سعادة ملهمة فيبدأ مسلسل إطلاق الألقاب من دون خشية من أحد!  
حتى الألقاب التي تسيء للاعب رياضياً واجتماعياً ولا ترقى به إلى مصاف أعلى، باتت مطلوبة لدى نفر من الرياضيين الذي يحبون الظهور فحسب، فلا اتصور أن لاعباً أظهر فرحاً بأكثر الألقاب إثارة للسخرية والضحك مثل البرازيلي السابق أدموندو الذي أطلقت عليه الصحافة في سنين بعيدة لقب (الحيوان) لكثرة مشكلاته مع اللاعبين والمدربين .. وقيل أخيراً إن اسمه ظهر بين 139 سائقاً صدر ضدهم قرار بإلغاء تراخيص قيادة السيارات لمدة عامين بسبب حصولهم على الحد الأقصى من مخالفات السير وهو 219 مخالفة!  
حتى نجم المنتخب الألماني شفاينشتايغر المعروف بتهذيبه وخلقه الرفيع، لم يخرج عن دائرة العيب في هذا الإطار، والسر لا يكمن في لقب أطلقه ناقد مادح أو قادح وإنما يعود إلى إسم اللاعب نفسه والذي يعني في اللغة الألمانية (راكب الخنزير) ، وبهذا يتحقق المثل العربي البليغ (لكل إمرئ نصيب
 من اسمه).!  
إنه الولع بأي لقب وبأي معنى.. بينما يبقى الأصل أن هذه الألقاب يجب ألا تخرج عن دائرة التهذيب، والدليل أن مشجعينا يطلقون هذه الألقاب ويرددونها على المدرجات من دون أن تطالهم كلمة اعتراض، كما أن هذه الألقاب بسهولتها وبساطتها أضافت بعداً تشجيعياً رائعاً لمباريات هذه الأندية، لهذا كان (الملك) بيليه يفاخر الآخرين بلقب (الجوهرة السوداء) وقد ظل اللقبان قرينين به حتى يومنا هذا!  
يقول مارداونا : إن (الساحر) أشد الألقاب قرباً إلى قلبي .. لكني أذكر الكثير من تلك المسميات الشامتة والشاتمة التي أطلقها النقاد ضدي حين كنت لاعباً.. وحين اتذكرها اليوم، أدرك في أية مرحلة كنا نعيش، وكيف باتت الألقاب اليوم مهذبة حتى لو كانت تحمل مضموناً قاسياً!