رمضان.. شهر التآلف والتكافل في كركوك

ريبورتاج 2022/04/19
...

 نهضة علي 
 تصوير: رغيب اموري
يحل شهر رمضان المبارك على الأمة الإسلامية سنوياً بأجواء تختلف عن باقي الأشهر، وما فيها من رتابة وعادات متكررة لدى أفراد الأسرة، ليضيف بركاته بقدرة الله عز وجل، ويتوجه أغلب الناس إلى التعبد والذكر، وتتولد فيه أجواء إيمانية وألفة وتواصل مع الأقارب والجيران، تعيد لأسرة رونق العلاقات الأسرية بعد أن سلبت حداثة الحياة تجمعهم وتقاربهم. 
 
مائدة رمضانيَّة
تقول الحاجة أم أحمد «أن ليالي رمضان مباركة خصنا بها الرحمن ليراجع كل فرد نفسه في كل شيء، وهي تعيد للأسرة العراقية جمعة أيام زمان، وللشهر الفضيل بركة يلاحظها كل من امتلأ قلبه بالإيمان، وهذا ما نراه عند إعداد الطعام، فكم من قليل يصبح كثيراً ويتزايد وكأن الله سبحانه وتعالى بث فيه شيئاً زاده، ومن هذا وذاك تصنع ربة المنزل أصنافاً مختلفة وتسهر الناس ليلاً من أجل العبادة والصلاة وقراءة القرآن، وإن أبرز ما يميز نهار رمضان ساعات إعداد مائدة الإفطار، ثم الجلوس معاً أمامها، إذ عادة يشارك جميع أفراد الأسرة فيها، فكل واحد يسهم بإعداد شيء ليضعه على مائدة الطعام قبل الإفطار». 
مضيفة أنها ترى شهر رمضان في السنوات الأخيرة يختلف عن الماضي بسبب تغيرات في نمط الحياة العامة، بالرغم من أن الكثير من الشباب يحاولون الاحتفاظ بما يجري في المحلات قديماً بأيام رمضان مثل الألعاب الرمضانية وتبادل الأطباق وصيحات المسحراتي مع ضربات الطبل ليلاً.
وبينت أن وجود كبار السن في البيت وداخل الأسرة هو من يحافظ على التقاليد والعادات، وما كان يدور في كل بيت أثناء ليالي شهر رمضان، فهي تلاحظ أن والدها المسن كثيراً ما يحثهم على القيام للصلاة في أوقات الأذان، ويؤكد التزامهم بالصيام وقراءة القرآن.
 
تكافل اجتماعي
الباحث الدكتور عبد الكريم خليفة أكد لـ «الصباح» أن «التكافل الاجتماعي يعد من أبرز مظاهر المجتمع خلال شهر رمضان المبارك، ويساعد في تعميق الأواصر والعلاقات بين الناس، وتظهر جلياً البركة والخير والإحسان والإنفاق والزكاة ومساعدة الفقراء والمتعففين، من خلال أجواء تقام فيه تتمثل بتنظيم ولائم ومآدب الإفطار الجماعية لشرائح معينة أو عامة، فضلاً عن التصدق بالأموال والأطعمة ودفع زكاة الفطر، ونلاحظ أن الأغلبية يتسابقون في شهر رمضان لعمل الخير وأوله التكافل من خلال مساعدة الناس لبعضها البعض بنية صادقة، ويشعر المتصدق بالراحة والطمأنينة في الذات، لأنه فعل خيراً وله عند الله أجر يضاف إلى أجر
الصيام.
 وأضاف أن شهر رمضان المبارك فرصة متعددة الاتجاهات لمساعدة الناس عبر مبدأ التكافل الاجتماعي الذي يعد من الأمور الواجبة في الإسلام والإنسانية بأن يساعد الغني الفقير لأن مساعدة الفقراء والمحتاجين وتلبية مستلزماتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس، واجب أخلاقي وإيماني وإنساني حثت عليه كل الشرائع السماوية والإنسانية، وإن إقامة وجبات الإفطار الجماعية مثلا في الجامعات لطلبة الأقسام الداخلية، وإعداد وجبات الخير للمتعففين هما تجسيد لعمق العلاقة التي تربط أفراد 
المجتمع.
 
أهمية الصوم
الشيخ علي خزعل التميمي أكد لـ «الصباح» أن «شهر رمضان المبارك شهر فضيل جعله الله للمسلمين ليتعبدوا ويزكوا ويقوموا الليل ويدعو ربهم بما يشاؤون، وهو فريضة على كل مسلم بالغ عاقل يحب ربه ونبيه وآل بيته، فقد جاء في سورة البقرة (بسم الله الرحمن الرحيم، «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون».. صدق الله العظيم)، إلا من لديه عذر مباح بالإفطار كأن يكون مريضاً أو على سفر أو مفطرات أخرى، وعلى المسلم أن يستغل فترة هذا الشهر لإعادة العلاقة بينه وبين ربه، والالتزام بوصايا نبيه وآل بيته لغفر ذنوبه ومعاصيه، وأن يؤدي ما عليه، ويتوجه بقلب صادق إلى الصيام والصلاة والعبادة، وألا تشغله ملذات أخرى عن ذلك، فلا يجوز الانشغال عنه بمغريات الحياة.
 وأن يجرب الشخص صبره وهو شهر للتماسك والمحبة وصفاء القلوب وحسن النية وترك التفرقة، وصلة الرحم والتواصل التي أوصانا بها الدين الإسلامي، ونبذ التطرف والقتل وما جاء به أعداء الله والدين، شهر رمضان فرصة لإعادة صلة الرحم وتفقد الإخوة والأقارب والأحبة، وهو فرصة للمتصدقين بأموالهم عن طريق إطعام الفقراء والأرامل والأيتام وإعالتهم ومساعدتهم بتوزيع المواد الغذائية والأموال
للمحتاجين».