يا لـيل..

الصفحة الاخيرة 2022/04/19
...

 عـادل عطيـة
 
کم أرسلت حناجر الشداة، رنم: «یا ليل» في الغداة، والعشي، واناء الليل، وأطراف النهار، تُرانا ونحن نتحدث عنه، نفعل ذلك تخليداً وتمجيداً لذكراه، أم تأبيناً له؟!.
لكن ما زالت هناك جمهرة من عشاق الفن القديم، يحنّون إليه، وإلى تاريخه الذي يُعد بمئات السنين.
فما أصله؟، ومن أين أتى؟، وكيف نشأ وترعرع، وتبوأ هذه المكانة المرموقة؟، يذهب أحدهم، إلى أنَّ أصلها «يا ليلي» من أعلام النساء، كان يتغنى به العرب، فلما طرقت دیار الفرس، التبست عليهم صورتها الخطية، فصحفوها إلى «يا ليلي» بكسر اللام وجرى الناس على غرارهم!
ويذهب آخر، إلى أنَّ «يا ليلى» في القبطية، معناها يا طربی، ويفضي هذا المذهب أنَّ «يا ليل» جاءت من اللغة القبطيَّة، ويذهب ثالث، إلى أنَّ «يا ليل» إنما هو  مناجاة لدنيا الظلام، لأنه يسدل أستاره على المتحابين، ومن باب الفكاهة، أنْ نلاحظ أنَّ «يا ليلي»، تجيء مردفة دائماً بلفظ «يا عيني»، فهل يعز الإنسان ليله، فيجعله بمقام عينه؟ أم أنَّ أول من أردفها كان أعور؟
ويذهب رابعٌ إلى أنه كان في الأندلس، وادٍ جميل يسمى وادي الليل، لأنَّ أشجاره الملتفة كانت تحجب ضوء الشمس، فيخال الجالس في ظلها النهار ليلاً، وكان مجمع السمار واللاهين، وحين تقلص ظل العرب في الأندلس، وهجروها، بقيت ذكراه عالقة في الأذهان، ما جعل المغنين يرددون اسمه تخليداً لذكراه.
ويذهب خامسٌ إلى أنه ورد في السير والتواريخ اسم «عبد يا ليل»، كما ورد اسم «عبد يغوث» و»عبد شمس»، نسبة إلى الآلهة، والأصنام التي كان يعبدها العرب، وليس ببعيد أنَّ صنم «يا ليل»، هو رمز العرب في الجمال والحب، فكانوا ينشدون اسمه في مناسباتهم.
ويذهب سادسٌ إلى التصور أنَّ «يا ليلي» هو تردید مقطع «لي»، من لفظ يا موالي الذي كان يرافق المواليا، فينتج من هذا الترداد ليلي مصدرة بأداة النداء، وهكذا ترون أنَّ «يا ليل»، ليست سوى لفظ يسهل على اللسان، وتستسيغه الأذن، ويستعمل لمجرد إرسال الصوت بالنغم لا أكثر ولا أقل، وإنَّ منشأه الترنم في الموشحات
الأندلسية.