لمن نكتب ؟

الرياضة 2022/04/24
...

كاظم الطائي
كنا في مهمة صحفية غير رياضية قبل 25 عاماً في إحدى المحافظات القريبة من العاصمة بغداد وأُقيمت لنا مأدبة غداء بحضور زملاء من صحف عديدة وشخصيات رسمية لدوائر المحافظة ورؤساء عشائر وضيوف من مختلف المهن جمعهم مضيف كبير أحسن صاحبه في إعداد وجبة لا تنسى لم أشهدها من قبل تنم عن كرم وحظوة واستقبال يليق بممثلي بلاط صاحبة الجلالة .
صاحب المضيف وهو من كبار رؤساء القبائل المعروفة وابنه الشيخ تفرغا لضيافتنا من بين بقية من بدأ أولاً بتناول الطعام لعدد محدود لايزيد على عشرة أفراد توزعنا على ( جفنة ) كبيرة تعاون على نقلها بصعوبة عدد من المضيفين لنا من مكان إعداد الطعام لغاية المكان الواسع الذي استضافنا .
ارتجل المعني بضيافتنا بإلقاء كلمة قصيرة ونحن نتناول الطعام المكون من الرز واللحم و( المعلاك ) وأنواع من أطايب المأكولات مرحباً بمقدمنا أولاً وتلبية دعوته مؤكداً أن هذه الصينية الكبيرة المثيرة الدسمة تضم كبشين أحدهما لجميع الحضور من صحفيين وكبار الضيوف والثاني لممثل مجلة ألف باء لوحده وكان يقصدني وعند السؤال عن سبب تفضيلي على البقية من الزملاء والضيوف أجاب سريعاً لأن ألف باء ملونة .
اختزل الرجل كلامه بكلمة أوضحت أن الصحافة بعرفه واهتمام البعض من قراء تلك المرحلة يتعلق باللون البراق لنوع المطبوع والذي فضله على إصدارات الصحف في حينها خلال فترة الحصار في التسعينيات بورق أسمر من دون النظر إلى طبيعة الإصدار وسياسته وتوجهاته وغير ذلك من معايير اختلفت اليوم كثيراً في ظل سطوة الإعلام الإلكتروني وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية عبر الإنترنيت .
في التسعينيات ولغاية نيسان 2003 كان الإصدار الأسبوعي لمجلة ألف باء يصل إلى 180 ألف نسخة أسبوعياً وكنا نعد العدة لزيادة الرقم إلى 250 ألف نسخة بما يصل إلى أكثر من مليون نسخة شهرياً وتوزع الصحف اليومية أعداداً واسعة من مطبوعاتها من 150 ألفاً إلى 200 ألف نسخة يومياً وتشكل الصحافة الرياضية رقماً جيداً في الحصيلة التوزيعية تدفع هواتها وعشاقها إلى حجز نسخهم من أصحاب المكتبات لضمان الحصول على العدد بوقت مبكر . هذه الأرقام الكبيرة التي تعد اليوم هائلة بالقياس لما يطبع ويوزع في السنوات الأخيرة بسبب ضعف الاهتمام بالصحافة الورقية وتوقف كبريات الصحف العالمية عن صدورها الورقي والاعتماد على الإصدار الإلكتروني كانت جديرة بالتوقف والنقاش بالقياس إلى عدد السكان آنذاك بما لايزيد على نصف السكان حالياً وتراجع كبير بتداول الصحف الورقية وتنازلها عن كم واسع من إصداراتها اليومية .  بقي مفهوم ( حجي جرايد ) الذي تردد كثيراً في المجالس الخاصة والعامة سائداً في ظل عدم إيلاء ما تطرحه السلطة الرابعة من لأفكار وآراء ونقد الأهمية المطلوبة ولم تعد الرغبة كما كانت سابقاً ملحة لخصها أكثر من معني بترديد هذه الكلمة الفاصلة بين جيلين أحدهما لا يتنازل عن أشياء الأمس الجميلة كحال إسطوانات الأغاني والأنتيكات والتراثيات ودرر الزمن الأكثر لمعاناً مما خف وزنه وغلا ثمنه أليس كذلك ؟