زيد الحلي
جلس صديقي وحيداً متطلعاً، إلى "ألبوم" صور مضت عليه سنوات طوال لم يتصفحه، شاهد لقطات من أيام الكلية، وأجواء النقاء الإنساني، لمس الزمالة والحرية المتزنة في الحفلات الجامعية ومناسبات انتخاب ملكة جمال الكليات، وشاهد حفلات نوادي المنصور والصيد والمهندسين والهندية والعلوية، وغيرها من النوادي الاجتماعية، والسفرات إلى جزيرة "أم الخنازير" على ضفاف نهر دجلة، ومتنزهات "قناة الجيش" وبحيرة الحبانية ومدينتها السياحية، وبحيرة الثرثار، وبحيرة ساوة في مدينة السماوة التي غيبها الزمن حالياً عن الوجود وبحيرة الرزازة في كربلاء، ومنطقة الصدور في ديالى، وملوية سامراء، و شلالات نواعير هيت وحديثة، وبساتين منطقة المدائن، وحدائق "بارك السعدون" ببغداد، وجزيرة "السندباد" في
البصرة..
لاحظ صوره مع أم العيال وهما يجلسان ببغداد، في كافيه أول مول شهده الشرق الاوسط (اورزدي باك) وفي مقصورات سينمات الخيام والنصر وغرناطة وسميراميس، شاهد الفرح في حدائق الأمة داخل ساحة التحرير، ونافورات المياه في حدائق الأعظمية، ولمس كيف تصفق زوجته بحرارة وهي تجلس في حفل يحييه عبد الحليم حافظ في بغداد، تمعن بصور التقطتها كاميرته لمقهى "البرازيلية" المزود بمكائن القهوة الجاهزة (الأكسبريس) يوم لم تعرفها القاهرة ودبي، ولشوارع: الرشيد والسعدون والكرادة أيام البهاء والسرور، وعدم وجود متسولين، انتبه إلى أناقة الرجال والنساء والشباب واحترامهم لمناطق العبور في الشوارع، وخلو الساحات والتقاطعات من التجاوزات، ونظافة حافلات نقل الركاب، وغير ذلك من أيام الأمس الجميل.
ومع حسرة عميقة المعنى، تذكر أن كل صور الدعة التي كنا نعيشها في سنوات ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم، سببها الحرية المجتمعية وعلاقات صلة الرحم والجيرة واحترام الآخرين، وليس مثل واقع حالنا الآن إذ يرفع الإنسان المنفلت شعار الحرية الشخصية ضد جميع الإجراءات الأخلاقية والأعراف المرعية، كانت الحرية في زمن الأمس، هي حق الفرد في أن يفعل كل ما لا يضر بالآخرين، والحرية هي قرين الحق، فهما
متلازمان..
أنهى صديقي تصفح الألبوم.. لكن لم ينه حسراته!.