التشكيل والسينما علاقة تبادلية

الصفحة الاخيرة 2022/05/09
...

علي حمود الحسن
انتهيت قبل أيام من قراءة كتاب الباحثة والمخرجة السينمائية ايمان فارس" لغة التصوير ولغة السينما علاقة متبادلة"، الذي يسلط الضوء على هذين الوسيطين، اللذين وإن اختلفا، إلا أنهما متواشجان، فعناصر تكوين اللقطة من شكل، وخط، وكتلة، وحركة، ومساحة، ولون، هي ذاتها ما يوظف باللوحة، وأي محاولة للفصل بينهما، هي محض اجراء تعسفي، فالتشكيل كما الموسيقى والمسرح، والرقص، والنحت، والعمارة، تدخل ضمن بنية هذا الوسيط الساحر، ليس بقصدية الفرادة، إنما بكونها جزءاً من بنية اللقطة، أليست السينما هي الحياة؟.   وقد أسعدني جهد الباحثة بتناولها مبحثاً مثيراً عن علاقة التشكيل بالسينما ومدياتها من خلال نماذج تطبيقية لأفلام عالمية وعربية مرت عليها بما يغني ويثري محتوى بحثها، لاسيما تجربة "مومياء شادي عبد السلام " الفريدة، وبقدر سعادتي بجهد هذه الشابة، التي تشكل مع زوجها الناقد د. فراس الشاروط تجربة سينمائية مشرقة على الصعيد الأكاديمي والاجرائي، إلا أنه أثار في خاطري تساؤلات، ليس أقلها اغتراب اللغة ونخبوية الاختيارات – غالبا ما تكون غزيرة- وهذه صفة يتشارك فيها الباحثون الأكاديميون عموماً، عدا القليل،  فكأنهم يكتبون مثل ربورت، أو يتكلمون من حلقهم بحسب مفهومية اندريه مالرو، ما افقد هذه البحوث صفة الابتكار، الذي يفترض أن يكون هدف الرسالة أو الأطروحة وهمها 
المرتجى.
"لغة التصوير ولغة السينما" الصادر عن دار نيبور/بغداد 2021، كتاب بحجم كبير يكاد يقترب تصميمياً من سفري د. ماهر راضي الرائدين "فكر وضوء"، و" وجوه"، وإن زاد حجمه عنهما ببضعة سنتيمترات، بدا عنوانه " لغة التصوير ولغة السينما علاقة متبادلة.. شادي عبد السلام " مربكاً بعض الشيء، فلغة التصوير تحيل إلى الكاميرا كما لغة السينما، وليس فرشاة الرسم، وجاء اسم شادي عبد السلام سائباً، خصوصاً أن العنوان هو عتبة النص الأولى، فمثلاً يمكن القول "شادي عبد السلام نموذجاً".
كتاب إيمان الشاروط يقع في 371 صفحة وقد ازدان بعشرات الصور الملونة التوضيحية التي بدت معقولة، على الرغم من تواضع ورق الغلاف وصفحاته الداخلية، فجاء ترتيب الفهارس والملاحق، جميلاً ومغرياً للقراءة، وخفف كثيراً من ثقل النص، وتضمن الكتاب مقدمة قصيرة وفصلاً أولاً بعنوان "مدخل للعلاقة بين التشكيل والسينما" ملخصه من وجهة نظر الباحثة "أن البعد التشكيلي له حيز محوري داخل إطار الصورة السينمائية ويؤثر فيها جمالياً"، بينما كرست الباحثة فصل كتابها الثاني للصورة والتشكيل بمبحثين، وكأنما جاء الفصل الثالث لتعديل العنوان بمسمى "لغة التصوير ولغة السينما..قراءة في سينما شادي عبد السلام"، هذه الفصول ستكون لنا معها إطلالة أخرى، قطعاً الكتاب إضافة نوعية للمكتبة السينمائية العراقية يتوفر فيه ما ينقص معظم ما يطبع أكاديمياً وأقصد صناعة الثقافة 
وتسويقها.