حرب الشوارع

الصفحة الاخيرة 2022/05/16
...

عبد الهادي مهودر
حين ترى الطرق السريعة بلا أسيجة ولا علامات تحذيرية ولا صيانة كافية فإعلم أن الموت أسرع وأننا في حالة حرب ضحاياها أسر وموظفون وجنود وعمال يتنقلون بأمان الله بين المحافظات للعمل أو للسياحة أو لأداء واجب اجتماعي أو زيارة دينية، وكأن الحوادث المرورية حلت بديلاً عن العصابات التي كانت تقطع الطرق وتقتل على الهوية، مع فارق أن الحوادث المرورية لا تميز بين العراقيين، وجميع المواطنين سواسية في حرب الشوارع ونسبة ١٠ بالمئة ماهي إلا محاصصة مرورية للموت المجاني، فقد أظهرت إحصائية لدائرة الطب العدلي نشرتها جريدة «الصباح» الأسبوع الماضي، أن قرابة 10 بالمئة من الوفيات المسجلة خلال الربع الأول من العام الحالي سببها حوادث مرورية، منها 635 حالة وفاة خلال شهر كانون الأول بينها 60 حالة وفاة بحادث مروري، زادت في شهر شباط لتصبح 719 حالة وفاة بقضايا جنائية بينها 70 حالة وفاة بحوادث مرورية، وفي جميع الحوادث تزيد نسبة الذكور على الإناث إلى الضعف تقريباً، ربما بسبب طبيعة مجتمعنا الذكوري، وهي النسبة الوحيدة التي لا تطالب فيها العراقيات بتحقيق المساواة!
وفي طرق الموت السريع يمكن أن يتسبب كلب سائب بانقلاب حافلة تحمل 22 راكباً، أو تنقلب بجنازة رجل توفي بحادث مروري فتصبح المصيبة مصيبتين مروريتين أو مصائب بعدد ركاب الحافلة، أو بسبب إهمال حفرة و مطب وسياج محطّم تمر منه الحيوانات، وتعليق الحوادث على شماعة التخصيصات وتداخل الصلاحيات، واللافت مع كل هذه الخسائر الفادحة هو كثرة أعداد رجال المرور والدوريات والمحاسبة المرورية في الشوارع الداخلية للمدن قياساً بالطرق الخطيرة بين المحافظات، على الرغم من حاجة الطرق الخارجية أكثر من غيرها إلى انتشار أوسع ودوريات ومراقبة متواصلة وإلى تنفيذ صارم للقانون وتحديد للسرعة القصوى، إذ تشهد الطرق الخارجية قيادة للسيارات بسرعات جنونية في سباق نحو الموت، وبلا شك أن مديرية المرور العامة أدرى بطرقها وحوادثها وضحاياها، ومديرية الطرق والجسور أدرى بتردي واقع الطرق الخارجية، والكل يدرون ويحصون ويتألمون، و يقرون بأن حوادث المرور (صنع في العراق) وليست مؤامرة أجنبية، لكن نزيف الأرواح بحرب الشوارع مستمر، والنصر المرجو منها هو توفير طرق آمنة، وتطمين المواطن بأنه ليس في درب (الصد ما رد) وإنما هو مسافر نسبة عودته سالماً ليست 10بالمئة.