شروق ماهر
مجددا استطاعت مدينة الحضر الأثريَّة الآشوريَّة الواقعة جنوب الموصل من إعادة إعمار وعودة آثارها، التي دمرتها عصابات داعش من ضمن أبرز 9 مواقع، دمرها الارهابيون خلال سيطرتهم على مساحات واسعة من محافظة نينوى في احداث العاشر من حزيران عام 2014، خلال سيطرتهم على محافظة نينوى، وتزايد في وقتها الاعتقاد أنها عملية ممنهجة لمحو آثار بلاد ما بين النهرين.
ويعود تاريخ إنشاء مدينة الحضر إلى أكثر من ألفي عام، وهي مدينة محصنة تمَّ الحفاظ عليها بشكل جيد إجمالا، وتقع في صحراء محافظة نينوى شمالي العراق. وهي واحدة من أربعة مواقع عراقية مدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي.
آشور
وانتهت محافظة نينوى مؤخرا من إعمار المدينة الأثرية في قضاء الحضر، واستحداث طرق جديدة مع بوابة داخل القضاء.
وقال بسمان السلطان قائممقام الحضر في تصريح لـ(الصباح) إن "محافظة نينوى انتهت من صيانة العديد المواقع الأثريَّة، إضافة إلى صيانة الطرق واستحداث بوابة للقضاء، مع تشييد سياج حول المنطقة الأثرية بالحضر بطول 4 كيلومترات، للحفاظ على ما تبقى من الآثار والمواقع الأثرية المدمرة داخل القضاء".
وأضاف أن "القضاء دخل ضمن عملية إعمار اللجنة العليا، التي شرعت بأعمالها مطلع عام 2022 ضمن الحملة الثانية للصيانة وإعمار المواقع والمناطق الأثرية والحفاظ على ما تبقى منها".
ويضيف السلطان أن "المدينة الاثرية استعادت عافيتها من خلال حملات الاعمار، والتي قامت بها فرق الصيانة الأثريَّة مع فرق التنقيب، إضافة إلى اليونسكو، التي أسهمت بعودة المدينة الأثريَّة في الحضر، والتي تحتضن اليوم عودة كل السائحين من عرب وأجانب كما كانت في سنوات السابقة، بعد أن أعادت جزءا كبيرا من المسروقات الأثريَّة، التي يعود تاريخها الاشوري إلى آلاف السنين".
احتفالات
وشهدت مدينة الحضر التاريخية احتفالات واسعة ضمّت جميع المكونات والطوائف العراقية، بعودة الوجه الجميل لهذه المدينة التاريخية، بعد أن أعاد إعمارها وأعادت عددا من القطع الأثريَّة، التي تم ترميمها في مدينة الحضر التاريخية العائدة إلى أكثر من ألفي عام، والتي صور عصابات داعش قبل نحو سبع سنوات فيديوهات تدميرها على يد عناصرها إبان سيطرتها على محافظة نينوى.
كما شهدت المدينة التاريخية مراسم داخل الموقع الأثري الواقعة على مسافة نحو مئة كيلومتر جنوب غرب مدينة الموصل، بحضور شخصيات تاريخيَّة وأثريَّة مختصة بتاريخ الآثار، حيث تم عرض القطع الثلاث التي هي عبارة عن وجهين بشريين وتمثال، وأعيد وضعها على أعمدة أحد معابد المدينة الشهيرة حيث كانت قبل تدميرها إلى قطع صغيرة.
بينما أقيمت هناك الدبكات والحفلات، التي ضمت سياحا عربا وأجانب الى جانب المنقبين في مديرية الآثار والتراث.
مدينة الشمس
وكانت مدينة الحضر الاثربة تسمى بمدينة الشمس، وتوجد بها قاعات متناظرة، يمينا وشمالا، وجميعها تطل إلى الشرق، لأنها تطل على شروق الشمس.
أصعب المراحل
هذا وتعد مدينة الحضر الأثريَّة أول مدينة أثريَّة استطاعت إعادة آثارها التاريخيَّة وعودة استقبال حفلات السياح اليها عن باقي المواقع الأثريَّة الآشورية المدمرة، حيث أقيم مؤخرا حفل نتهاء مراحل تأهيل موقع مدينة الحضر الأثريَّة من قبل البعثة الإيطالية، المتمثلة بمنظمة (ISMEO) في إطار مشروع الإسعاف الأولي الممول من منظمة "أليف" منذ عام 2020 ولغاية 2022 وعلى مدار عدة مواسم عمل فيها، والتي شملت تأهيل مقر البعثة بشكل كامل، ورفع كميات كبيرة من الأنقاض والمخلفات الحربيَّة من حارة المعابد الرئيسة، مع إعادة صيانة وتركيب (10) قطع أثريَّة مختلفة لواجهات المعابد والجدران الرئيسة، مع عمل قاعدة بيانات متكاملة لأكثر من (1300) جزء لقطع أثريَّة مختلفة الأحجام منها الكبيرة والصغيرة والمتوسطة.
كما شمل أيضا عمل مسح كامل لمنطقة حارة المعابد، باستخدام جهاز (ليزر سكان)، الذي أعاد هيبة المدينة الأثريَّة وهي الحضر التاريخيَّة، وعلى هامش إعادة هذه المدينة التاريخية، فقد قدمت الحكومة المحلية في نينوى احتفالية في مقر مدينة الحضر الأثرية تخللها العديد من الفعاليات الثقافية والكلمات القيمة، التي ألقيت من قبل السادة الحضور، وتوزيع بعض الهدايا التذكارية، وتمَّ استعراض التعاون الذي قدمه سكان الحضر من اجل اعادة مدينة التاريخ الحضارية، الذي تتميز به من خلال استقطاب الزوار اليها.