البصرة : سعد السماك
تتكاثف سحب المخاطر الاجتماعية فوق سماء العراقيين عاماً بعد آخر، بسبب عدم تكافؤ الفرص الاقتصادية، ما ولد عدداً من المشكلات التي شخصها الباحثون والعاملون في أروقة القضاء بأنها تتزايد تبعاً لسوء دخل الفرد ومستوى ادخاره للحالات الطارئة.
الباحث في شؤون اقتصاد الأسرة عقيل هاشم الموسوي قال: إن "ستة من بين كل عشرة لديهم احتياطيات مالية ضئيلة لا تزيد عن مليون دينار، وهي مدخرات للإنفاق خلال الحالات المفاجئة"، داعياً إلى تشريع قوانين تساعد الأفراد على التأمين الطبي والتكافل الاجتماعي.
وبحسب استطلاع يهدف لتحديد مؤشرات دخل الأفراد لمواجهة المشكلات المفاجئة، فإن "40 % من الفئات الاجتماعية يدخرون مبالغ لا تزيد على 9 ملايين دينار للإنفاق على أنفسهم وعوائلهم لمواجهة الحالات المفاجئة، وبخاصة الطبية منها".
وأشار الموسوي، في حديث لـ"الصباح"، إلى أن "8 % من فئة الشباب من 18 إلى 25 عاماً والنساء المترملات بلا أي احتياطيات مالية لنفقات غير متوقعة، في حين يحصل 9 % منهم على تكافل مجتمعي سواء كان على شكل تبرعات عائلية أو ديون تسترجع بعد اليسر لتمكين الأفراد من الإنفاق على الحوادث المهلكة".
ووفقاً للباحث فإن "50 % من العينة البحثية لديها على الأقل فكرة تقريبية عن مقدار المبالغ التي يدخرونها أو التي يمكن تأمينها في الطوارئ، بينما لا يعرف 25 % منهم على الإطلاق أي تقديرات أو ادخارات يلجؤون لها لتمويل نفقات غير متوقعة"، مضيفاً أن "عدم تسديد الديون التي تصنف من المخاطر المجتمعية وراء 50 % من جرائم القتل العمد و"الدكة العشائرية" والخطف وتجارة المخدرات التي تعد أحد أهم الأسباب إن لم تكن الأساس". ويتوقع الباحث لحالات التخلف عن سداد الديون أن "تتمدد بشكل دائم إلى أفراد آخرين في العائلة والعائلات والعشائر، ما يشعل الأحقاد ومشاعر الثأر بشكل متواتر".
ويرى المحامي جعفر الساعدي وفقاً للمؤشرات التي تم استنتاجها عن الجرائم التي توكل للدفاع عن مرتكبيها، فإن هذه الجرائم "كان يمكن معالجة أسباب ارتكابها بالرغم من قسوتها وتنوعها، كونها مرتبطة بطبيعة سلوكيات المديونية بالأموال التي يحتاجها بعض الأفراد في الحالات الطارئة".
وأضاف الساعدي، في حديث لـ"الصباح"، أن "هناك مؤثرات أخرى وهي وسائل الاتصال الاجتماعي والإعلام، التي تدفع للحصول على المبتكرات والأموال للإنفاق على المصنعات التقنية والملذات"، لافتاً إلى انه "لابد من الاشتراط بإصدار القوانين والتشريعات لإيجاد بدائل مؤسساتية تساعد الأفراد الذين يبحثون عن الأموال للإنفاق بالحالات الطارئة والحوادث المفاجئة". وعن هذه القوانين، قال المحامي: إن "من اللازم تشريع قوانين للضمان الصحي والتأمين في جميع نواحي الحياة، فالتعقيدات ليست في تنوع الاحتياجات للفرد الحيوية والترفيهية، وإنما في تداعيات النتائج السلبية على الفرد والتي تتمثل في الأمراض المزمنة والأوبئة وحوادث الطرق الناجمة عن العمل والديون المتعثرة".
وتابع أن "هذه التشريعات تعد في أهميتها فرضاً للاستقرار والأمن الاجتماعي ومكافحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات التي طالما يلجأ لها بعض الأفراد للحصول على مبالغ مالية للإنفاق بالحالات المفاجئة والمنقذة للحياة ودفع التعويضات الاجتماعية".
تحرير: علي عبد الخالق