روبوتات السلام ومصدَّات الكراهية

علوم وتكنلوجيا 2022/06/18
...

 د. محـمد وليد صالح 
على الرغم من وصف الأمم المتحدة العام لـ"خطاب الكراهية" بأنَّه "أي نوع من التواصل في الكلام أو الكتابة أو السلوك، يهاجم أو يستعمل لغة ازدراء أو تمييزيَّة بالإشارة إلى شخصٍ أو مجموعة على أساس هويتهم"، بمعنى آخر على دينهم أو عرقهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو لونهم أو نسبهم أو جنسهم أو أي عامل هويَّة آخر، إلا أنَّه يحتاج إلى الوسيلة أو الوسيط الناقل له وفهم وسائل الإعلام والاتصال.
إنَّ اعتماد السلطة التشريعيَّة على الخطاب السياسي البنّاء وليس الفئوي في التوجه عبر وسائل الإعلام وفق تنظيم قانوني وقواعد سلوك البرلمانيين، يسهمُ في بناء السلام وتحويل الصراع من أجل إنشاء مساحات آمنة للحوار والنقاش لتقديم الخطاب السياسي والديني والتربوي الموحد إلى الرأي العام، إذ يعدُّ دور التربية المدنيَّة المفتاح الأول لتغيير الوعي الجمعي، وتنظيم الحملات الانتخابيَّة للحد من خطاب الكراهية عن طريق تحديد الجمهور المستهدف من الحملة وأهدافها، واختيار وسائل الاتصال المناسبة للوصول إلى الجمهور وإعداد رسالة وصياغتها بلغة ورموز مفهومة وفعل واضح لتحقيق هدفها.
تحتاج البرلمانات لتكون فعّالة في معالجة خطاب الكراهية إلى الشراكات مع الجمعيات العلميَّة المختصة في العلاقات العامَّة والمؤسسات الأكاديميَّة الناجعة في الإعلام لوضع برامج مفيدة وموضوعيَّة، فضلاً عن تبادل الخبرات والتعاون الدولي الإنمائي لمنظمات الأمم المتحدة، والمناقشة القائمة على الأدلة وكيف يمكن الترويج لها والاعتماد على برامج تدريب وتطوير قدرات على المستوى الإقليمي والعالمي لمواجهة آثار هذا الخطاب، وإنتاج معلومات وتحليلات تعتمد على الحقائق يمكن أنْ تؤدي إلى حوار إيجابي قائمٍ على تلاقي آراء المواطنين، وإعادة تشكيل علاقتها مع المجتمع المدني، لا سيما المرأة والشباب والمجموعات المهمشة لخلق نهجٍ تشاركي وتعزيز الحوارات السلميَّة والخطابات البديلة عبر منصات المشاركة المدنيَّة للحوار السلمي لترويج الروايات البديلة لمواجهة خطاب الكراهية وتخفيف التوتر، وتفعيل أساليب الحوار المفتوح والمناظرات الموضوعيَّة للتوصل إلى معرفة احتياجاتهم وتلبيتها.
إنَّ مراقبة كلام الكراهية وتحليل المشاعر جزءٌ من البرمجة الإنمائيَّة لفهم الاتجاهات السائدة في هذا الخطاب، لمساعدة صانعي السياسات على استعمال تلك البيانات عبر إرسال التقارير الدوريَّة المختصة برصد الحالات والإفادة منها في عمل إنذار مبكر، عن طريق إعداد معايير تنظيم الخطاب السياسي والإعلامي المعتدل للمؤسسات الحكوميَّة وغير الحكوميَّة لمخاطبة الجمهور، والاهتمام بإجراء استطلاعات الرأي العام بشكل مستمر. 
كيف يمكن للبرلمانات العمل مع القطاع الخاص، وخاصة شركات وسائل التواصل الاجتماعي لضمان أنَّ المنصات على الإنترنت هي مساحات آمنة مع حماية حريَّة التعبير وحقوق الأقليات، بالتنسيق مع الجهات التي تنظم الطيف الترددي والترخيص لعمل وسائل الإعلام ووضع ميثاق عمل لتنظيم سلوكها ضمن السياقات القانونيَّة الوطنيَّة، بين البرلمان ومؤسسات الاتصال والإعلام لنقل الخطاب الهادف والحد من خطاب الكراهية الممهد لارتكاب الإبادة الجماعيَّة في دول عدة.
فالدور الذي تلعبه الجهات الفاعلة في المجتمع المدني وبناة السلام ووسائل الإعلام في معالجة البرلمانات لخطاب الكراهية بطريقة شاملة ضامنة للمشاركة الفعّالة، بواسطة التشريعات الداعمة لتقنين خطاب وسائل الإعلام ورصد الانتهاكات التي تحصل على الذوق العام، وتقوية وسائل الدولة في مكافحة التطرّف والعنف والعمل على نشر قيم السلام والتعايش المجتمعي والبرامج التعليميَّة والزمالات البحثيَّة والتدريبيَّة.