علي حمود الحسن
يحتفي صناع الأفلام وعشاق مشاهدتها، محلياً بعيد السينما العراقية الـ67، وهو عيد مختلف عليه، مثلما يقول إبراهيم عيسى في برنامجه الشهير، وأصل الاختلاف أن بعضهم، عد يوم عرض فيلم "ابن الشرق" الموافق 20 /11 /1946في سينما غازي، وتهافت الجمهور على مشاهدته، عيداً للسينما العراقية.
"ابن الشرق" أنتجته شركة "أفلام الرشيد" التي أسسها في القاهرة طالب طب عراقي مهووس بالسينما يدعى عادل عبد الوهاب، ومثل فيه إضافة إلى عبد الوهاب، المطربان حضيري ابو عزيز وعزيز علي، مع النجمة مديحة يسري، لكن الأمر لم يدم طويلا، إذ اعترض آخرون على ذلك، مدعين أن "ابن الشرق " إنتاج مشترك بين مصر والعراق، والهيمنة فيه للمصريين، لذا من غير المنطقي تصنيفه نتاجاً عراقياً محضاً، مقترحين أن يكون فيلم "عليا وعصام" الذي أخرجه الفرنسي اندريه شاتان وصوره جاك لامار بطاقم عراقي، هوأول إنتاج سينمائي عراقي، وبذا صار تاريخ 12 /3 /1949 عيداً للسينما العراقية .
الفيلم الذي أنتجه استوديو بغداد؛ شاهده الجمهور في سينما روكسي، واستوديو بغداد تأسس في العام 1948 برأسمال يهودي وطني، كمشروع واعد لبناء نهضة سينمائية كبرى، لولا اتهام مريب بالتجسس لإسرائيل، أطاح بهذا الصرح الكبير، الذي كان يضاهي بتقنياته استوديوهات مصر، ثم انبرت مجموعة من المتخصصين، لطرح فكرة أن يكون الفيلم عراقياً بالكامل، كي يكتسب الريادة، وهو رأي معتبر، وبذلك صار منطقياً القول إن "فتنة وحسن" للمخرج حيدر العمري، أول فيلم عراقي إخراجاً وتصويراً وتمثيلاً، إذ شاهده الجمهور في سينما "الحمراء"، و "الهلال"، و "القاهرة" في بغداد وكان العرض الأول له بتاريخ 20 /6 /1955، وهو من تمثيل ياس علي الناصر، ومديحة رشدي، وسلمى عبد الأحد، وغازي التكريتي، وأنتجته شركة "دنيا الفن" التي أسسها ياس علي الناصر..
بلغت تكلفة "فتنة وحسن" 8 آلاف دينار عراقي، وحصل على إيرادات بلغت (40) ألف دينار، وبهذا يعد الأنجح في تاريخ السينما العراقية، على الرغم من سذاجة قصته التي هي صدى بائس للميلودراما المصرية، على الرغم من شرف محاولة فنانين، عشقوا السينما وبذلوا من أجلها ما يستطيعون.
وعلى العموم لم تعد السينما التقليدية قائمة، إذ تحولت إلى محض ذكريات ضاجة بالحنين، فهي تعولمت و"ترقمنت" فتأسست دور العرض في المولات، ولم يتبق من سينمات بغداد سوى 7 دور عرض في طريقها إلى التلاشي، اقترح - وهو رأي ليس جديداً مثلما المعلومات المذكورة في العمود- أن تدرج هذه "المعالم الثقافية" ضمن قانون الآثار والتراث لحمايتها، ثم تأهيلها لتكون قاعات مؤهلة لعروض المهرجانات والاحتفالات الوطنية، فضلا عن وجودها الاعتباري الأيقوني.