بيروت: نورا خالد
في شارع جونيه ببيروت، لفتت انتباهي كابينة هاتف عمومي حمراء، دنوت منها فوجدتها تضم عدداً من الكتب بمختلف اللغات، مثبتة عليها ملصقات تدعو الناس إلى القراءة والتبرع بالكتب.
صاحب المطعم الذي وضعت أمامه كابينة الكتب ماركوس متي قال لـ “الصباح”: قمت باستغلال كابينة الهاتف المهجورة أمام محلي، لأضع فيه عدداً من الكتب، تشجيعاً مني للقراءة التي بدأت تتراجع أمام التطور التكنولوجي.
تقوم الفكرة على الاستعارة أو استبدال الكتب بأخرى داخل الكابينة، والهدف منها، كما يشير متي “حتى يستمر شغف القراءة عند اللبنانيين ولا يختفي مثل الكثير من العادات، بسبب الظروف والأجهزة الذكية التي جعلت الكثيرين يعزفون عن المطالعة”.
يتراوح رواد المكتبة “المصغرة” بين الشباب وكبار السن، كما هناك العديد من السياح الأجانب الذين يرتادونها، ليستبدلوا كتبهم التي غالباً ما تكون بلغة بلدهم بأخرى.
على أحد المقاعد الخشبيَّة، التي وضعت خصيصاً بجانب المكتبة لمن أراد القراءة من دون استعارة الكتاب، أو استبداله بآخر، جلس الياس سامي يتصفح بتمعن كتاباً بين يديه، موضحا لـ “الصباح”: أحب المطالعة وأقرأ كل ما يقع بين يدي من كتب، خاصة إن كانت باللغة الفرنسية، ووجدت داخل هذه “الكابينة” العديد منها، فاعتدت بين الحين والآخر زيارة هذا المكان، لأستعير كتاباً وأضع آخر مكانه وأعيده بعد أن أكمل قراءته، “فكرة جميلة ومشجعة على تبادل الثقافة”، وفق تعبيره.
ليس ببعيد عن الياس تجلس فتاة في العشرين من عمرها تقلب أوراق رواية “مئة عام من العزلة” لماركيز، مشيرة إلى أن ظهور الكتب الألكترونية واستخدام اللوحات الألكترونية للقراءة أبعدت الكثيرين عن الكتاب الورقي، إلا أنني أفضل أن أمسك بالكتاب وأقرأه، فهذا يشعرني بلذة المطالعة وهذا ما تعلمته من والدي، أجلس في هذا المكان تقريباً يوميا لمدة ثلاث ساعات، أتصفح ما يعجبني من كتب وأعيدها إلى المكتبة، وإن لم أكمل القراءة فاستعيرها وأعيدها في اليوم الثاني “أحببت فكرة القراءة هنا أمام المارة”.
ووصفت الفتاة “الكابينة” بأنها “وسيلة حضارية تشجع الكثير من المتبضعين في هذا الشارع من الجلوس للاستراحة، وقراءة ما تقع أعينهم عليه من كتب”.
وختم متي كلامه، كما قال “باختصار الفكرة هي ضع كتابك الذي قرأته ليستفيد منه الآخرون، واستعر غيره، أما الهدف من ذلك كله هو التشجيع على القراءة”.