توظيف عشوائي بلا عدالة وآلاف الخريجين غير مؤهلين للعمل

العراق 2022/06/25
...

 بغداد: حيدر الجابر
تواجه البلاد منذ نحو عشرين عاماً ضغطاً هائلاً على سوق العمل في القطاع العام نتيجة سياسة التوظيف الكلاسيكية التي حملت الخزينة العامة أعباء توظيف مئات الآلاف في مختلف التخصصات من دون تبيان الحاجة الفعلية للأعداد في الوزارات.
 
وعلى الرغم من الانتقادات، لا تزال الجامعات الحكومية والأهلية تدفع بالآلاف من الخريجين إلى سوق العمل، والذين يطالبون بحقهم الأزلي في الوظيفة الحكومية على وجه الخصوص. وتتجه الأنظار إلى مؤسسات الدولة العراقية رغم ما تعانيه من تضخم غير مسبوق، ومن بطالة مقنعة، بسبب سياسات الحكومات المتعاقبة التي تبدأ بالتعيين الكثيف  لإسكات المعارضين أو كسبهم في مواسم الانتخابات، وهو ما أدى لتخلف سياسة التوظيف وعشوائيتها وخضوعها لأهواء السياسة والرغبات الحزبية. وانتقد النائب عن ائتلاف دولة القانون عقيل الفتلاوي آلية التعيين في الدوائر الحكومية، متهماً المحاباة الحزبية وعدم وجود استثمار حقيقي بحصر الحصول على عمل مضمون بدوائر الدولة. وقال الفتلاوي في حديث لـ "الصباح": "هناك عشوائية ومحسوبية في التوظيف مع تجاهل ضوابط مجلس الخدمة الاتحادي، وهي السبب الرئيس بسوء التوظيف مع انعدام العدالة، حيث تجد أصحاب الكفاءات يفتقدون للفرصة المناسبة، في حين أن غير المؤهلين تم تعيينهم في أماكن حساسة"، مبيناً أن "سياسة التوظيف ستؤدي إلى تخصيص الموازنة للرواتب فقط في نهاية المطاف، وستستدين الحكومات المقبلة للإيفاء بهذه الالتزامات المالية". وأضاف الفتلاوي وهو عضو في لجنة النقل والاتصالات النيابية أن "أحد أسباب الاستدانة غياب الاستثمارات الحقيقية لتشغيل المصانع وغيرها، بعض الوزارات متخمة بالموظفين للحد الذي لا يجدون مكاناً للجلوس وأداء عملهم، فيما تعاني وزارات أخرى من قلة الموظفين، بسبب انعدام التوازن في التوظيف"، داعياً لإطلاق الدرجات الوظيفية وفق الحاجة الفعلية. وبشأن المطالبات بالدرجات الوظيفية قال: إن "بعض الوزراء يسعون لذلك بسبب الضغوط السياسية ولإرضاء الحزب للبقاء في منصبه، لأنه إذا رفض فستتم معاداته"، مشيراً إلى أن غياب الرؤية وعدم سد حاجة المؤسسات من الملاكات أديا إلى التفاوت فبينما تحتاج التربية والصحة إلى موظفين ومختصين، تجد أن بعض الشركات الحكومية الخاسرة لديها موظفون بلا أي إنتاج فعلي". ويقترح أكاديميون اعتماد آليات متطورة وعلمية للاستفادة من طاقات الخريجين وغيرهم، إذ تعمد العديد من الجامعات العملية إلى تأهيل الخريج قبل الزج به في سوق العمل. وانتقدت عضو الهيئة الإدارية لجمعية الاقتصاديين العراقية إكرام عبد العزيز سياسة التوظيف، مؤكدة أنها تفتقد إلى جوانب عملية توازن بين العمل والتعليم، داعية إلى إعادة النظر بالأعداد التي تدخل الجامعات، وإلى توفير دعم حقيقي وفاعل للقطاع الخاص. وقالت عبد العزيز في حديث لـ "الصباح": إن "حل مشكلة التوظيف يكمن بتوفير حاضنات أعمال فيها جانب استشاري وتطبيقي، يمكن من خلالها توفير جانب تأهيل لإدخاله في سوق العمل المحلية والدولية عبر تأهيل صحيح ضمن معطيات صحيحة"، وأضافت أن "المشكلة تكمن في عدم وجود توازن بين سوق العمل والتعليم بسبب مخرجات التعليم الهائلة، إضافة إلى عدم التخطيط للاستفادة منها وحصر احتياجات البلد من الخريجين".  ودعت عبد العزيز إلى "إعادة النظر بأعداد المقبولين في الجامعات ودراسة التخصصات المطلوبة في السوق، بالإضافة إلى توفير حاضنات أعمال داخل الجامعات لتأهيل الطلبة داخل الجامعة". وأكدت عبد العزيز "يجب الاهتمام بجانب التأهيل عبر الاتفاق مع القطاع الخاص بما ينسجم مع مخرجات التعليم، لأن من حق القطاع الخاص أن يأخذ طلابا مؤهلين من حيث التكنولوجيا واللغة، وهو المعمول به دولياً"، وأضافت "كما يجب توفير دعم حقيقي وفاعل للقطاع الخاص الحقيقي حتى يستطيع العمل وتحريك الاقتصاد، ضمن دورة اقتصادية تساعد على ازدهار التنمية".
 
تحرير: علي عبد الخالق